الليلة يخرجون ، فمضى عبد الله إلى يزيد بن حاتم وهو بالعسكر ، فكان من أمرهم ما كان لعشر من شوّال سنة خمس وأربعين ومائة ، فانهزموا. ثم قدمت الخطباء برأس إبراهيم بن عبد الله بن الحسن بن الحسين في ذي الحجة من السنة المذكورة إلى مصر ونصبوه في المسجد الجامع ، وقامت الخطباء فذكروا أمره ، وحمل عليّ بن محمد إلى أبي جعفر المنصور وقيل إنه اختفى عند عسامة بن عمرو بقرية طره ، فمرض بها ومات فقبر هناك ، وحمل عسامة إلى العراق فحبس إلى أن ردّه المهديّ محمد بن أبي جعفر إلى مصر ، وما زالت شيعة عليّ بمصر إلى أن ورد كتاب المتوكل على الله إلى مصر يأمر فيه بإخراج آل أبي طالب من مصر إلى العراق ، فأخرجهم إسحاق بن يحيى الختليّ أمير مصر وفرّق فيهم الأموال ليتجملوا بها ، وأعطى كل رجل ثلاثين دينارا ، والمرأة خمسة عشر دينارا ، فخرجوا لعشر خلون من رجب سنة ست وثلاثين ومائتين ، وقدموا العراق فأخرجوا إلى المدينة في شوّال منها ، واستتر من كان بمصر على رأي العلوية ، حتى أن يزيد بن عبد الله أمير مصر ضرب رجلا من الجند في شيء وجب عليه فأقسم عليه بحق الحسن والحسين إلا عفا عنه ، فزاده ثلاثين درة ، ورفع ذلك صاحب البريد إلى المتوكل ، فورد الكتاب على يزيد بضرب ذلك الجنديّ مائة سوط ، فضربها وحمل بعد ذلك إلى العراق في شوّال سنة ثلاث وأربعين ومائتين ، وتتبع يزيد الروافض فحملهم إلى العراق ، ودل في شعبان على رجل يقال له محمد بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، أنه بويع له ، فأحرق الموضع الذي كان به وأخذه فأقرّ على جمع من الناس بايعوه ، فضرب بعضهم بالسياط ، وأخرج العلوي هو وجمع من آل أبي طالب إلى العراق في شهر رمضان.
ومات المتوكل في شوّال ، فقام من بعده ابنه محمد المستنصر ، فورد كتابه إلى مصر بأن لا يقبل علويّ ضيعة ، ولا يركب فرسا ، ولا يسافر من الفسطاط إلى طرف من أطرافها ، وأن يمنعوا من اتخاذ العبيد إلّا العبد الواحد ، ومن كان بينه وبين أحد من الطالبيين خصومة من سائر الناس قبل قول خصمه فيه ولم يطالب ببينة ، وكتب إلى العمال بذلك ، ومات المستنصر في ربيع الآخر ، وقام المستعين ، فأخرج يزيد ستة رجال من الطالبيين إلى العراق في رمضان سنة خمسين ومائتين ، ثم أخرج ثمانية منهم في رجب سنة إحدى وخمسين ، وخرج جابر بن الوليد المدلجيّ بأرض الإسكندرية في ربيع الآخر سنة اثنتين وخمسين ، واجتمع إليه كثير من بني مدلج فبعث إليه محمد بن عبيد الله بن يزيد بجيش من الإسكندرية فهزمهم وظفر بما معهم ، وقوي أمره وأتاه الناس من كلّ ناحية ، وضوى إليه كل من يومي إليه بشدّة ونجدة ، فكان ممن أتاه عبد الله المريسيّ وكان لصا خبيثا ، ولحق به جريج النصرانيّ وكان من شرار النصارى. وأولي بأسهم ، ولحق به أبو حرملة فرج النوبيّ وكان فاتكا فعقد له جابر على سنهور وسخا وشرقيون وبنا ، فمضى أبو حرملة في جيش عظيم ، فأخرج العمال وجبى الخراج ولحق به عبد الله بن أحمد بن محمد بن إسماعيل بن