والقياسر ، وأكره الناس على ذلك ، وتسارع الناس إلى الدخول في الدعوة ، فجلس لهم قاضي القضاة عبد العزيز بن محمد بن النعمان ، فقدموا من سائر النواحي والضياع ، فكان للرجال يوم الأحد ، وللنساء يوم الأربعاء ، وللأشراف وذوي الأقدار يوم الثلاثاء ، وازدحم الناس على الدخول في الدعوة ، فمات عدّة من الرجال والنساء. ولما وصلت قافلة الحاج مرّ بهم من سبّ العامّة وبطشهم ما لا يوصف ، فإنهم أرادوا حمل الحاج على سبّ السلف فأبوا ، فحلّ بهم مكروه شديد. وفي جمادى الآخرة من هذه السنة فتحت دار الحكمة بالقاهرة وجلس فيها القرّاء ، وحملت الكتب إليها من خزائن القصور ، ودخل الناس إليها وجلس فيها القرّاء والفقهاء والمنجمون والنحاة وأصحاب اللغة والأطباء ، وحصل فيها من الكتب في سائر العلوم ما لم ير مثله مجتمعا ، وأجرى على من فيها من الخدّام والفقهاء الأرزاق السنية ، وجعل فيها ما يحتاج إليه من الحبر والأقلام والمحابر والورق. وفي يوم عاشوراء من سنة ست وتسعين وثلاثمائة كان من اجتماع الناس ما جرت به العادة ، وأعلن بسبّ السلف فيه ، فقبض على رجل نودي عليه هذا جزاء من سبّ عائشة وزوجها صلىاللهعليهوسلم ، ومعه من الرعاع ما لا يقع عليه حصروهم يسبون السلف ، فلما تمّ النداء عليه ضرب عنقه ، واستهل شهر رجب من هذه السنة بيوم الأربعاء ، فخرج أمر الحاكم بأمر الله أن يؤرّخ بيوم الثلاثاء ، وفي سنة سبع وتسعين وثلاثمائة قبض على جماعة ممن يعمل الفقاع ومن السماكين ومن الطباخين وكبست الحمامات فأخذ عدّة ممن وجد بغير مئزر ، فضرب الجميع لمخالفتهم الأمر وشهروا. وفي تاسع ربيع الآخر أمر الحاكم بأمر الله بمحو ما كتب على المساجد وغيرها من سبّ السلف ، وطاف متولي الشرطة وألزم كل أحد بمحو ما كتب على المساجد من ذلك ، ثم قريء سجل في ربيع الآخر سنة تسع وتسعين وثلاثمائة بأن لا يحمل شيء من النبيذ والمزر ، ولا يتظاهر به ولا بشيء من الفقاع والدلينس والسمك الذي لا قشر له والترمس العفن ، وقريء سجل في رمضان على سائر المنابر بأنه يصوم الصائمون على حسابهم ويفطرون ، ولا يعارض أهل الرؤية فيما هم عليه صائمون ومفطرون ، صلاة الخمس الدين ، فبما جاءهم فيها يصلون ، وصلاة الضحى وصلاة التراويح لا مانع لهم منها. ولا هم عنها يدفعون ، يخمّس في التكبير على الجنائز المخمسون ، ولا يمنع من التربيع عليها المربّعون ، يؤذن بحيّ على خير العمل المؤذنون ، ولا يؤذى من بها لا يؤذنون ، ولا يسب أحد من السلف ، ولا يحتسب على الواصف فيهم بما وصف ، والحالف منهم بما حلف ، لكلّ مسلم مجتهد في دينه اجتهاده ، وإلى الله ربه معاده عنده كتابه وعليه حسابه. وفي صفر سنة أربعمائة شهر جماعة بعد ما ضربوا بسبب بيع الفقاع والملوخيا والدلينس والترمس.
وفي تاسع عشر شهر شوّال أمر الحاكم بأمر الله برفع ما كان يؤخذ من الخمس والزكاة والفطرة والنجوى ، وأبطل قراءة مجالس الحكمة في القصر ، وأمر بردّ التثويب في الأذان ،