على الاستثناء ، قاله الأخفش ، والزجاج وغيرهما ، وهو استثناء منقطع ، إذ لم يتناوله اللفظ السابق ، ومنعه القراء من أجل لا في قوله (وَلَا الضَّالِّينَ) ، ولم يسوغ في النصب غير الحال ، قال لأن لا ، لا تزاد إلا إذا تقدم النفي ، نحو قول الشاعر :
ما كان يرضى رسول الله فعلهم |
|
والطيبان أبو بكر ولا عمر |
ومن ذهب إلى الاستثناء جعل لا صلة ، أي زائدة مثلها في قوله تعالى : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) (١) وقول الراجز :
فما ألوم البيض أن لا تسخرا
وقول الأحوص :
ويلجئني في اللهو أن لا أحبه |
|
واللهو داع دائب غير غافل |
قال الطبري أي أن تسخر وأن أحبه ، وقال غيره معناه إرادة أن لا أحبه ، فلا فيه متمكنة ، يعني في كونها نافية لا زائدة ، واستدلوا أيضا على زيادتها ببيت أنشده المفسرون ، وهو :
أبى جوده لا البخل واستعجلت به |
|
نعم من فتى لا يمنع الجود قائله |
وزعموا أن لا زائدة ، والبخل مفعول بأبى ، أي أبى جوده البخل ، ولا دليل في ذلك ، بل الأظهر أن لا مفعول بأبى ، وأن لفظة لا لا تتعلق بها ، وصار إسنادا لفظيا ، ولذلك قال : واستعجلت به نعم ، فجعل نعم فاعلة بقوله استعجلت ، وهو إسناد لفظي ، والبخل بدل من لا أو مفعول من أجله ، وقيل انتصب غير بإضمار أعني وعزى إلى الخليل ، وهذا تقدير سهل ، وعليهم في موضع رفع بالمغضوب على أنه مفعول لم يسم فاعله ، وفي إقامة الجار والمجرور مقام الفاعل ، إذا حذف خلاف ذكر في النحو. ومن دقائق مسائلة مسألة يغني فيها عن خبر المبتدأ ذكرت في النحو ، ولا في قوله : (وَلَا الضَّالِّينَ) لتأكيد معنى النفي ، لأن غير فيه النفي ، كأنه قيل لا المغضوب عليهم ولا الضالين ، وعين دخولها العطف على قوله المغضوب عليهم لمناسبة غير ، ولئلا يتوهم بتركها عطف الضالين على الذين. وقرأ عمر وأبي وغير الضالين ، وروي عنهما في الراء في الحرفين النصب والخفض ، ويدل على أن المغضوب عليهم هم غير الضالين ، والتأكيد فيها أبعد ، والتأكيد في لا أقرب ، ولتقارب معنى غير من معنى لا ، أتى الزمخشري بمسألة ليبين بها تقاربهما فقال : وتقول أنا زيدا غير
__________________
(١) سورة الأعراف : ٧ / ١٢.