والعناد. وقال الشعبي : هو بين أيديهم يقرأونه ، ولكنهم نبذوا العمل به. وعن سفيان أدرجوه في الديباج والحرير ، وحلوه بالذهب ، ولم يحلوا حلاله ، ولم يحرموا حرامه. انتهى كلامه. وقول الشعبي وسفيان يدل على أن كتاب الله هو التوراة. وقال الماوردي : كأنهم لا يعلمون ما أمروا به من اتباع محمد صلىاللهعليهوسلم. وقيل : معناه كأنهم لا يعلمون أنه نبي صادق. وقيل : معناه كأنهم لا يعلمون أن القرآن والتوراة والإنجيل كتب الله ، وأن كل واحد منها حق ، والعمل به واجب.
(وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ) ، معنى اتبعوا : أي اقتدوا به إماما ، أو فضلوا ، لأن من اتبع شيئا فضله ، أو قصد واو الضمير في واتبعوا لليهود ، فقال ابن زيد والسدّي : يعود على من كان في عهد سليمان. وقال ابن عباس : في عهد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وقيل : يعود على جميع اليهود. والجملة من قوله : واتبعوا ، معطوفة على جميع الجملة السابقة من قوله : ولما جاءهم إلى آخرها ، وهو إخبار عن حالهم في اتباعهم ما لا ينبغي أن يتبع ، وهذا هو الظاهر ، لا أنها معطوفة على قوله : نبذه فريق منهم ، لأن الاتباع ليس مترتبا على مجيء الرسول ، لأنهم كانوا متبعين ذلك قبل مجيء الرسول ، بخلاف نبذ كتاب الله ، فإنه مترتب على مجيء الرسول. وتتلو : تتبع ، قاله ابن عباس ، أو تدعي ، أو تقرأ ، أو تحدث ، قاله عطاء ، أو تروي ، قاله يمان ، أو تعمل ، أو تكذب ، قاله أبو مسلم. وهي أقوال متقاربة. وما موصولة ، صلتها تتلو ، وهو مضارع في معنى الماضي ، أي ما تلت. وقال الكوفيون : المعنى : ما كانت تتلو ، لا يريدون أن صلة ما محذوفة ، وهي كانت وتتلو ، في موضع الخبر ، وإنما يريدون أن المضارع وقع موقع الماضي ، كما أنك إذا قلت : كان زيد يقوم ، هو إخبار بقيام زيد ، وهو ماض لدلالة كان عليه. والشياطين : ظاهره أنهم شياطين الجن ، لأنه إذا أطلق الشيطان ، تبادر الذهن إلى أنه من الجان. وقيل : المراد شياطين الإنس. وقرأ الحسن والضحاك : الشياطون ، بالرفع بالواو ، هو شاذ ، قاسه على قول العرب : بستان فلان حوله بساتون ، رواه الأصمعي. قالوا : والصحيح أن هذا الجن فاحش. وقال أبو البقاء : شبه فيه الياء قبل النون بياء جمع الصحيح ، وهو قريب من الغلط. وقال السجاوندي : خطأه الخازربجي.
على ملك : متعلق بتتلو ، وتلا يتعدى بعلى إذا كان متعلقها يتلى عليه لقوله : يتلى على زيد القرآن ، وليس الملك هنا بهذا المعنى ، لأنه ليس شخصا يتلى عليه ، فلذلك زعم بعض النحويين أن على تكون بمعنى في ، أي تتلو في ملك سليمان. وقال أصحابنا :