جميلة بنت عبد الله بن أبي ليلة أحد ، وخرج وهو جنب ، حين سمع الهائعة (١) ؛ فأعجله ذلك عن الغسل.
بل يقال : إنه كان قد غسل أحد شقيه ، فسمع الهائعة ؛ فترك غسله ، وخرج.
ويقال : إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أخبرهم : أن صاحبهم (حنظلة) لتغسله الملائكة.
كما ويقال : إنه استأذن النبي «صلى الله عليه وآله» في أن يقتل أباه أبا عامر الفاسق ، فلم يأذن له (٢).
ونقول :
١ ـ إن النبي كما منع حنظلة الغسيل من قتل أبيه ، كذلك هو قد منع ابن عبد الله بن أبي من قتل أبيه أيضا (٣).
ونقول : إنه إذا كان هدف الإسلام هو الحفاظ على إنسانية الإنسان ، وتكامله في مدارج الإنسانية ، فلا بد أن تكون مواقفه ووسائله منسجمة مع ذلك الهدف الأسمى ؛ لأن الوسيلة في نظر الإسلام لا تنفصل عن الهدف ، وإنما هي جزء منه.
إذا ، فلا بد أن يتعامل مع كل أحد حتى مع أبيه ، وولده ، وعشيرته ، وماله ، وكل ما يحيط به ، تعاملا إنسانيا صحيحا ، ومنسجما مع أهدافه تلك.
__________________
(١) الهائعة : الصوت المفزع.
(٢) الإصابة ج ١ ص ٣٦١ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٢٧ و ٤٢٨ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٠ و ٢٤١. وغير ذلك من المصادر الكثيرة.
(٣) الإصابة ج ١ ص ٣٦١.