هذا السبيل ، تحتاج إلى شحن وإثارة من جديد.
فلا عجب إذا ، أن يستأذن بعض المسلمين في قتل آبائهم المنحرفين ، الذين يحاربون دين الله تعالى ، وإنما العجب من أن لا يفعلوا ذلك ؛ لأنهم حينئذ يكونون قد خالفوا مقتضى فطرتهم ، وما يحكم به عقلهم السليم.
هذا الحكم الذي أيده وأكده الإسلام ، دين الفطرة (١) ؛ حين قال في القرآن الكريم : (قُلْ إِنْ كانَ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ وَإِخْوانُكُمْ وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوالٌ اقْتَرَفْتُمُوها وَتِجارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسادَها وَمَساكِنُ تَرْضَوْنَها أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ)(٢).
٢ ـ وأما سر أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يأذن لهم بقتل آبائهم ، فقد قدمنا بعض ما يفيد في ذلك حين الكلام عن وحشي ، قاتل حمزة ، حيث أخبروه : أن محمدا لا يقتل أصحابه.
ونزيدهنا : أن نفس قتل الولد لوالده ليس أمرا طبيعيا ، ولا ينسجم مع مشاعر ونفسية الإنسان العادي ، الذي لم يترب تربية إلهية ، ولم ينصهر في حب الله تعالى.
نعم ، إذا أخلص ذلك الإنسان لله ، وانقطعت كل علائقه المادية الأرضية ؛ فإنه حينئذ يرى ذلك أمرا ضروريا ، وينساق إليه بعقله ، وبفطرته ، وبعاطفته
__________________
(١) راجع كتابنا : دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام ج ٢ بحث : الحب في التشريع الإسلامي.
(٢) الآية ٢٤ من سورة التوبة.