ومثّل نساء المشركين في قتلى المسلمين فجدعن الأنوف والآذان ، إلا أنهن لم يمثلن بحنظلة ابن أبي عامر ، لأن أباه طلب منهن تركه ، فتركنه له.
وتشاوروا في نهب المدينة ؛ فأشار صفوان بن أمية بالعدم ؛ لأنهم لا يدرون ما يغشاهم (١).
وأرسل النبي «صلى الله عليه وآله» عليا أمير المؤمنين «عليه السلام» في آثارهم ؛ لينظر ؛ فإن كانوا قد ركبوا الإبل ، وجنبوا الخيل ؛ فهم يريدون مكة ، وإن كان العكس ، فهم يريدون المدينة ، فلا بد من مناجزتهم فيها ؛ فذهب «عليه السلام» ، وعاد ، فأخبره بأنهم جنبوا الخيل ، وامتطوا الإبل (٢).
ولكن البعض يقول : إن سعد بن أبي وقاص هو المرسل في هذه المهمة ، وإنه لما رجع رفع صوته بأنهم قد جنبوا الخيل ، وامتطوا الإبل.
فجعل النبي «صلى الله عليه وآله» يشير إليه : خفّض صوتك ، فإن الحرب خدعة. فلا تر الناس مثل هذا الفرح بانصرافهم ؛ فإنما ردهم الله تعالى.
ويقول الواقدي : إنه «صلى الله عليه وآله» أوصى سعدا بأنه إن رأى القوم يريدون المدينة فأخبرني فيما بيني وبينك ، ولا تفت في أعضاد المسلمين (٣).
ونسب مثل ذلك إلى علي «عليه السلام» ، وأنه رفع صوته بالخبر ، مع
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٥.
(٢) راجع : الثقات لابن حبان ج ١ ص ٢٣٢ ، وتاريخ الطبري ج ٢ ص ٢٠٥ و ٢٠٦ ، والكامل لابن الاثير ج ٢ ص ١٦١ ، والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٤ و ٢٤٥ ، وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٤٠.
(٣) مغازي الواقدي ج ١ ص ٢٩٨ و ٢٩٩ ، وشرح النهج للمعتزلي ج ١٥ ص ٣٢.