سَبِيلِ اللهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ)(١).
ثم هناك آيات أخرى في سورة آل عمران تؤنب المؤمنين على عدم صبرهم في أحد ، وفيها إشارات لحقائق مهمة في حرب أحد لا مجال لبحثها الآن ، غير أننا نكتفي هنا بإشارة موجزة جدا للصبر في الجهاد ، فنقول :
الصبر في عرف الاستعمار ، وفي عرف الحكام الظالمين ، والجبابرة المتكبرين ، هو تحمل الذل ، والاستسلام لكل المخططات الهدامة التي تهدم حياة الإنسان ، ومستقبله ، وقيمه ، وأخلاقه ، ودينه ، تهدمها لتبني على أشلائها عروش الظلم والخيانة ، وملك الجبارين والمستكبرين. ولقد تسرب هذا المعنى للصبر إلى عقائد بعض المسلمين ، عن طريق العلماء المزيفين ، الذين جعلوا أنفسهم أداة للاستعمار ولأذنابه ، وآلة في يد أولئك الحكام الظالمين ، فحوروا دين الله على وفق أهداف أسيادهم ، وحسبما يخدم مصالحهم ، ويؤيد ويسدد سلطانهم.
ولكننا إذا رجعنا ـ خلوا عن هذه السوابق الذهنية ـ إلى المنبع الأصفى للإسلام والقرآن العظيم ، وإلى مواقف وتعاليم النبي الكريم ، وأهل بيته الأطيبين الأطهرين ، فإننا نجد : أن للصبر مفهوما يختلف تماما عن هذا المفهوم ، بل هو يناقضه ويباينه.
إن الصبر في مفهوم هؤلاء هو تحمل كل المشاق في سبيل الوصول إلى الأهداف النهائية النبيلة لهذا الإنسان ، وينسب لعيسى «عليه السلام» : قوله : إنكم لا تدركون ما تأملون إلا بالصبر على ما تكرهون (٢).
__________________
(١) الآية ١٤٦ من سورة آل عمران.
(٢) البحار ج ٧٩ ص ١٣٧ ط بيروت.