الموت يا بني عمومتي (١).
نعم ، إن الصبر هو تحمل الآلام والمتاعب في سبيل الوصول إلى الهدف الأسمى كما قلنا ، تماما كما فعل نوح وغيره من الأنبياء «عليهم السلام» ، ولا سيما نبينا الأعظم «صلى الله عليه وآله».
والهدف الأسمى هو العبودية المطلقة لله تعالى ، ورفض كل عبودية لسواه. وهو أمر صعب ؛ لأنه لا ينسجم مع هوى النفس ، التي تنفر من العبودية ، وتميل إلى التحلل من كل القيود. ولذلك كان الصبر عن المعصية ، والصبر على الطاعة ، من عزم الأمور ، يحتاج إلى جهد ، وإلى تعب ومشقة ، وقدرة على التحمل.
بل إن كل حق لا بقاء له بدون الصبر ، وقد كان صبر الأنبياء والأوصياء من أهم أسباب بقاء الحق.
كما أن الصبر يدرب على التقوى ، ويرفع من مستوى قدرته على قيادة نفسه ، لأن الصبر لا يتحقق إلا بأن يقود هو نفسه ، لا أن تقوده نفسه ؛ وإذا استطاع أن يقود نفسه ، وإذا كانت هي أقوى وأعتى من يواجه ؛ فإن قدرته على أن يقوم بمهمة قيادة الآخرين ، وهدايتهم إلى الصراط المستقيم ، وإلى هدى رب العالمين ، تكون أعظم وأشد ، وأكثر فعالية ؛ ولذا قال الصادق «عليه السلام» : الصبر صبران :
صبر على البلاء حسن جميل ، وأفضل منه الصبر على المحارم (٢).
__________________
(١) مقتل الحسين للمقرم ص ٣١٨ و ٣٢٢.
(٢) البحار (ط بيروت) ج ٦٨ ص ٩٥.