بتركهم ، وقال : «إنه امرؤ يخشى الدوائر ، فنزل فيه قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)(١) إلى قوله تعالى : (فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغالِبُونَ)(٢)» (٣).
فجمعهم النبي «صلى الله عليه وآله» في سوقهم ، وقال لهم : يا معشر يهود ، احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة ، وأسلموا ؛ فإنكم قد عرفتم أني نبي مرسل ، تجدون ذلك في كتابكم ، وعهد الله إليكم.
قالوا : يا محمد ، إنك ترى أنّا قومك؟! ولا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، فأصبت لهم فرصة. إنّا والله ، لو حاربناك ، لتعلمن أنا نحن الناس.
فأنزل الله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ ، قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ)(٤).
وقوله : (وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ)(٥). كذا
__________________
(١) الآية ٥١ من سورة المائدة.
(٢) الآية ٥٦ من سورة المائدة.
(٣) راجع : الدر المنثور ج ٢ ص ٢٩٠ و ٢٩١ عن : ابن اسحاق ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ ، وابن مردويه ، والبيهقي في الدلائل ، وابن عساكر ، وابن أبي شيبة.
(٤) الآيتان ١٢ و ١٣ من سورة آل عمران.
(٥) الآية ٥٨ من سورة الأنفال.