نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(١) وألّف بين قلوبهم ، وذلك لأنه عرّفهم : أن الحياة الإنسانية حياة خالدة ، وأن الحياة الدنيا زائلة لا قيمة لها ، وأن اللذة المادية لا قيمة لها ، واللذة الواقعية هي أن يعيش الإنسان في كرامة عبودية الله سبحانه ، ورضوانه ، والقرب والزلفى منه تعالى ، مع النبيين والصديقين ، وهناك اللذة الحقيقية الدائمة ، قال تعالى : (وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ)(٢).
كما أنه لا يملك أحد لنفسه نفعا ولا ضررا ، ولا موتا ولا حياة ، بل هو في تصرف الله الذي بيده الخير والشر ، والنفع والضر ، والغنى والفقر. وكل نعمة هي هبة من ربه ، وما حرم منه احتسب عند ربه أجره ، وما عند الله خير وأبقى. وإذ لم يعد للمادة قيمة عند المؤمنين ؛ فإن أسباب الضغن والحقد تزول ، ويصبحون بنعمته إخوانا ، ولا يبقى في نفوسهم غل ، وحسد ، ورين (٣).
وهكذا يتضح : أن موقف الخزاعيين ، وعدم التزامهم بنصر قومهم ، والحفاظ على أسرارهم أمر طبيعي.
كما أن سوء ظن أبي سفيان ، وعدم ثقته بهم هو أيضا نتيجة طبيعية للشرك ، وعدم الإيمان.
ومن كل ذلك نعرف أيضا سر عدم تأثير تشجيع النساء في ثبات المشركين ، ولم يمنعهم عار أسر نسائهم من الهزيمة ، وتركوهن في معرض
__________________
(١) الآية ٩ من سورة الحشر.
(٢) الآية ٦٤ من سورة العنكبوت.
(٣) راجع : تفسير الميزان ج ٩ ص ١١٩ ـ ١٢١.