فقد وردت للولي معان كثيرة ، ومنها : المحب ، والصديق ، والنصير ، والولي : فعيل ، بمعنى فاعل ، من وليه إذا قام به ، قال تعالى : (اللهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ)(١).
بل إن من يلاحظ آيات إعطاء الولاية للمؤمنين وسواها من الآيات ، يخرج بحقيقة : أن الله سبحانه يريد للناس المؤمنين أن يكونوا أمة واحدة ، وبمنزلة الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء.
وكل هذه الأعضاء للجسد الواحد إنما تحافظ على ذلك الواحد بكل ما تقدر عليه ، وذلك بالدفاع عنه ؛ وبالنصيحة لجماعة ولأئمة المسلمين.
فالله ولي الذين آمنوا بالتشريع ، وحفظ المصالح والحكم ، ولله الأمر من قبل ومن بعد ، وللنبي «صلى الله عليه وآله» وللإمام «عليه السلام» الولاية أيضا بجعل من الله ، بهدف تدبير أمورهم وقيادتهم.
والمؤمنون المرؤوسون للنبي «صلى الله عليه وآله» وللإمام «عليه السلام» بعضهم أولياء بعض في النصيحة وحفظ الغيب ، والاهتمام بأمور بعضهم بعضا ، والنصرة ، والمعونة ، فليس معنى الولاية هو الحكومة لكل واحد منهم على الآخر أو على المجتمع ، بل ولي المجتمع والحاكم فيه هو الله سبحانه.
وكخلاصة لما تقدم نقول :
إن كل هذه المعاني محتملة في الآية المشار إليها ـ إن لم يكن من بينها (وهو الأخير) ما هو الأظهر ـ وليس فيها ما يوجب تعين كون الولي فيها
__________________
(١) الآية ٢٥٧ من سورة البقرة.