بمعنى الحاكم ، والمتولي للأمر.
ثانيا : لو كانت هذه الآية تعطي حقا للمؤمنين في أن يحكم بعضهم بعضا ؛ فاللازم أن تعطي الآيات الأخرى هذا الحق بالذات للكفار ، وتصير حكومتهم على بعضهم البعض شرعية!!
فقد قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلَّا عَلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ)(١).
فبقرينة المقابلة في الآية هنا بين ولاية المؤمنين التي نشأت عنها مسؤوليات النصر وغير ذلك من أمور ، تدل على أن المراد بالولاية تولي الأمور ، وبين الآية الدالة على ولاية الكفار بعضهم لبعض ، تكون النتيجة هي : جعل الحاكمية للكفار أيضا بالنسبة لبعضهم فيما بينهم ، لو كان المراد بالولاية هو تولي الأمور كما يريد المستدل أن يقول.
ويؤيد ذلك أيضا قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصارى أَوْلِياءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ)(٢).
__________________
(١) الآيتان ٧٢ و ٧٣ من سورة الأنفال.
(٢) الآية ٥١ من سورة المائدة.