٣ ـ بل إن هناك من يرى : أن الآية ناظرة إلى ولاية المعصومين ، فإن الملائكة قد رأوا : أن من يسفك الدماء ويفسد ليس أهلا للخلافة كما أن الله قد قرر هذه الخلافة لآدم النبي المعصوم الذي علمه الله الأسماء كلها.
٤ ـ ثم ، ما المراد بهذا الاستخلاف؟ هل هو الحكم والإمارة؟ أم هو التسليط على الكون وما فيه في حدود قدراته ، وإعطاؤه حق التصرف في ما خلقه الله ، على قاعدة قوله تعالى : (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها)(١) ولذلك هو يطلب منهم شكر هذه النعمة ، والإيمان بالله تعالى؟
الظاهر هو الثاني :
ويؤيد ذلك : أن من يطالع آيات الاستخلاف يجد : أن أكثرها ناظر إلى البشر جميعا ، مؤمنهم وكافرهم ، ثم هي تهدد الكافرين ، وتتوعدهم.
ومما يؤيد أن يكون المراد بالخلافة في أكثر الآيات ، هو إعمار الكون : أنه إذا كان البشر خلفاء ؛ فهم خلفاء على أي شيء؟!
إنهم خلفاء ووكلاء على غير أنفسهم ؛ إذ لا يعقل أن يكون الشيء خليفة على نفسه.
فالبشرية لها خلافة على غيرها مما في الكون. وهذا يؤيد أن يكون معنى الخلافة ليس هو الإمارة.
٥ ـ وفي مقابل ذلك نجد : أنه تعالى لم يستخلف المؤمنين فعلا ، وإنما وعدهم بالاستخلاف حيث قال : (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
__________________
(١) الآية ٦١ من سورة هود.