الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ)(١).
فالجمع بين هذه الآية ، والآيات الأخرى ، يحتم علينا أن نقول : إن المراد بآيات (خلائف) ونحوها ، هو النيابة في إعمار الكون ، والتمكين من التصرف في الطبيعة.
والمراد من هذه الآية الأخيرة هو الحكم والسلطان ، فهذه الآية أدل دليل على أن الخلافة بمعنى الحكم والسلطان لم تمنح للبشر عامة ، وإنما وعد الله المؤمنين بها في الوقت المناسب.
والظاهر : أن ذلك سيكون في زمن ظهور المهدي عليه الصلاة والسلام.
٦ ـ إن آية استخلاف داود ، وتفريع الحكم بين الناس بالحق على هذه الخلافة ، التي لا بد أن يكون معناها الحكم والسلطان ، لا تدل على جعل الخلافة لكل البشر ؛ فلعل كونه نبيا لم يتلبس بشيء من الظلم أبدا ـ كما قال تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ)(٢) ـ له مدخلية في استحقاق هذا المنصب الخطير ؛ لأن نيله درجة النبوة ، إنما هو لأجل أنه يحمل خصائص معينة ـ كالعصمة ونحوها ـ أهلته لذلك الأمر الخطير الذي يتفرع عليه الحكم بالحق.
٧ ـ إننا نلاحظ : أنه ليس في جميع الآيات التي استعملت لفظ : (خليفة) ، ومشتقاته ما يدل على أن هذا المستخلف هو خليفة لله لا لغيره.
بل ذكرت الآيات : أن الله تعالى قد جعل خلفاء ، ولم تبين : أنهم خلفاء لمن.
__________________
(١) الآية ٥٥ من سورة النور.
(٢) الآية ١٢٤ من سورة البقرة.