فلعل المراد : أن آدم «عليه السلام» قد جاء لإعمار الأرض ، وقد خلف من كان عليها من المخلوقات قبله «عليه السلام». وعلى هذا فلا مجال للاستدلال بتلك الآيات على ما أراده رحمه الله.
ملاحظة :
إن الاستخلاف في الأرض ، ليس معناه جعل جميع المناصب الإلهية لهذا المستخلف. وليس في هذا اللفظ ما يفيد عموم المنزلة ؛ بل هو ينصرف إلى نوع معين من الأمور.
فمثلا لو قيل : فلان استخلف فلانا على أهله ؛ أو على الناس فإنه ينصرف إلى الاستخلاف في أمور معينة يمكن الاستخلاف فيها.
ولا يمكن أن يعني ذلك ثبوت كل حق كان لذاك لهذا ، فإن الاستخلاف حكم يجري في كل مورد قابل لذلك ، أو في الموارد التي ينصرف إليها الكلام بحسب خصوصيات المورد ، وبحسب حالات الخطاب.
ولا يمكن أن يتمسك بإطلاق الاستخلاف لإثبات قابلية ما يشك في قابليته.
خامسا : إن قوله تعالى : (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ)(١) ، يدل على أن الأمور الراجعة لهم هي التي يمكن أن يمارسوا فيها حق الشورى ؛ فلا بد أولا من إثبات :
أن مسألة الحكم ، والتصرف في أمور الغير حق لهم ، ليمكنهم أن يفصلوا فيها عن طريق مبدأ الشورى ، ولا يمكن للحكم أن يثبت موضوعه ويوجده ،
__________________
(١) الآية ٣٨ من سورة الشورى.