كما أشرنا إليه آنفا.
بل إن لدينا ما يدل على أن الحكومة ليست حقا للناس ، ولا يرجع البت فيها إليهم. وهو ما تقدم حين الكلام عن عرض النبي «صلى الله عليه وآله» دعوته على القبائل ، حيث قال لبني عامر : الأمر لله يضعه حيث يشاء.
وسيأتي في غزوة بئر معونة : أنه «صلى الله عليه وآله» قد قال ذلك لعامر بن الطفيل أيضا.
ثم هناك مقبولة ـ بل صحيحة ـ عمر بن حنظلة التي تقول : «ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ، ونظر في حلالنا وحرامنا ، وعرف أحكامنا ، فليرضوا به حكما ، فإني قد جعلته عليكم حاكما» (١).
وكذا قوله : العلماء حكام على الناس ، وروايات كثيرة أخرى. ولم يعين في الروايات : أن يكون ذلك في زمن الطاغوت ، أو في ما بعد الإطاحة به ، ولا صورة رقي الأمة إيمانيا وفكريا ، ولا عدمها.
وسادسا : إن هذه الشورى لا يفهم منها إلا مبدأ كلي مجمل. ولا تدل على أنه لو خالف بعض الأمة فيما يراد إجراء مبدأ الشورى فيه : فهل ينفذ حكم الأكثرية على تلك الأقلية؟ أم لا بد من إرضاء الجميع في أي تصرف ، وأية قضية؟ وأنه لو تساوت الآراء فماذا يكون مصير الشورى؟ إلى غير
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ باب ١١ من أبواب صفات القاضي حديث ١.
والرواية معتبرة جدا ؛ فإن عمر بن حنظلة شيخ كبير روى عنه عدد كبير من الثقات الكبار والأعيان ، بل لم يرو عنه ضعيف إلا رجل واحد.
ومن بين من روى عنه ـ وهم كثير ـ من لا يروي إلا عن ثقة ـ كما قيل ـ كابن بكير وصفوان الجمال.