الأمر واشتد عليهم الحصار ، وكانوا في وقت برد شديد ، وأصابتهم مجاعة وخافوا من اليهود خوفا شديدا ، وتكلم المنافقون بما حكى الله عنهم ولم يبق أحد من أصحاب رسول الله «صلى الله عليه وآله» إلا نافق ، إلا القليل.
وقد كان رسول الله «صلى الله عليه وآله» أخبر أصحابه : أن العرب تتحزب ويجيئون من فوق. وتغدر اليهود ونخافهم من أسفل ، وإنه ليصيبهم جهد شديد ، ولكن تكون العاقبة عليهم.
فلما جاءت قريش ، وغدرت اليهود قال المنافقون : (ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً)(١).
وكان قوم لهم دور في أطراف المدينة ، فقالوا : يا رسول الله تأذن لنا أن نرجع إلى دورنا ، فإنها في أطراف المدينة ، وهي عورة ونخاف اليهود أن يغيروا عليها.
وقال قوم : «هلموا فلنهرب ، ونصير في البادية ، ونستجير بالأعراب ، فإن الذي كان يعدنا محمد كان باطلا كله» (٢).
وقال البيهقي : إنه بعد حصار دام قريبا من عشرين ليلة ، وبعد حصول قتال دام إلى الليل ، شغل المسلمين عن صلاة العصر : «فلما اشتد البلاء على النبي «صلى الله عليه وآله» وأصحابه نافق ناس كثير ، وتكلموا بكلام قبيح فلما رأى رسول الله ما فيه الناس من البلاء والكرب جعل يبشرهم ويقول : والذي نفسي بيده ليفرجن عنكم ما ترون من الشدة وإني لأرجو أن أطوف
__________________
(١) الآية ١٢ من سورة الأحزاب.
(٢) تفسير القمي ج ٢ ص ١٨٦ وبحار الأنوار ج ٢٠ ص ٢٢٩ و ٢٣٠.