الغزوة (١).
وقد حاول الجاحظ أن يدّعي : أن شهرة عمرو بن عبدود بالشجاعة مصنوعة ، من قبل محبي علي ، حتى تركوه أشجع من عامر بن الطفيل ، وعتيبة بن الحارث ، وبسطام بن قيس ، مع أنه لم يسمع لعمرو ذكر في حرب الفجار ، ولا في الحروب بين قريش ودوس.
وقد رد عليه الإسكافي بما حاصله : أن أمر عمرو بن عبدود أشهر من أن يذكر ، ولينظر ما رثته به شعراء قريش لما قتل. ثم ذكر شعر مسافع بن عبد مناف ، وشعره الآخر في رثائه له.
وليس أحد يذكر عمروا إلا قال : كان فارس قريش وشجاعها ، وقد شهد بدرا ، وجرح فيها ، وقتل قوما من المسلمين. وكان عاهد الله عند الكعبة أن لا يدعوه أحد إلى إحدى ثلاث خصال إلا قبلها ، وآثاره في أيام الفجار مشهورة.
كما أنه لما جزع الخندق في ستة فرسان هو أحدهم ، جبن المسلمون كلهم عنه ، وهو يوبخهم ويقرعهم ، وملكهم الرعب والوهل ، فإما أن يكون هذا أشجع الناس كما قيل عنه ، أو يكون المسلمون كلهم أجبن العرب وأذلهم وأفشلهم.
وإنما لم يذكر مع الفرسان الثلاثة لأنهم كانوا أصحاب غارات ونهب ، وأهل بادية ، وقريش أهل مدينة ، وساكنوا مدر وحجر ، لا يرون الغارات ، ولا ينهبون غيرهم من العرب ، وهم مقيمون ببلدتهم ، فلم يشتهر اسمه
__________________
(١) منهاج السنة ج ٤ ص ١٧٢ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢ وسيرة الرسول ص ٢٢٠.