إذ إن نعيم بن مسعود نفسه كان من غطفان ، فهل يجهر بنو قريظة أمام غطفاني ـ مهما كانت درجة إخلاصه لهم ـ بأنهم يريدون أخذ أشراف قومه ليسلموهم إلى القتل؟!.
وهل يمكن أن يصدقه المشركون : أنه قد سمع ذلك حقا من بني قريظة؟!.
رابعا : لو صحت قصة نعيم على النحو المذكور آنفا ، لكان يجب أن نتوقع من حيي بن أخطب موقفا آخر من بني قريظة. فيتملص من تعهداته لهم ، ولا يسلم نفسه إلى القتل بدخوله معهم في حصنهم بعد رحيل قريش ، لأن لديه حجة واضحة ، وهي أن الإخلال وإفشال ما جمعه من كيد إنما من قبل بني قريظة أنفسهم ، فإنهم هم الذين أخلّوا بتعهداتهم تجاه قريش ، وليس العكس.
خامسا : هناك العديد من الروايات التي تؤكد على أن النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله» نفسه هو الذي أفسد العلاقة بين قريش والمشركين من جهة ، وبين بني قريظة من جهة أخرى. وليس نعيم بن مسعود بل كان هو الآخر غافلا عن حقيقة التدبير النبوي في هذا المجال.
والنصوص المشار إليها هي التالية :
١ ـ قال ابن عقبة : إن نعيم بن مسعود كان يذيع ما يسمعه من الحديث ، فاتفق أنه مرّ بالقرب من رسول الله «صلى الله عليه وآله» ذات يوم عشاء ، فأشار إليه «صلى الله عليه وآله» أن تعال ، فجاء ، فقال : ما وراءك؟!.
فقال : إنه قد بعثت قريش وغطفان إلى بني قريظة يطلبون منهم أن يخرجوا إليهم فينا جزوك.