كلاما من هذا النوع ، وذلك لما يحمل في طياته من تضعيف وتخذيل لم يكن النبي «صلى الله عليه وآله» ليقدم عليه في حالات الحرب.
الثانية : إننا نجد النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» يلتجئ للصلاة وللدعاء ، ويوجه الناس إلى الله سبحانه في هذه الظروف الحرجة ، التي يكون فيها الإنسان أكثر من أي وقت مضى مؤهلا للتفاعل مع الحالات الروحية.
يساعد على ذلك أنه في هذه الظروف بالذات تكون نظرته إلى الأمور واقعية وسليمة ، لا تشوبها نوازع نفسية ، ولا أهواء ولا غيرها مما من شأنه أن يضخم الأمور له ، أو يمنعه من رؤيتها على حقيقتها.
وذلك لأنه حين تصبح القضية لها مساس بمصيره وبحياته ، فإنه لا بد له من أن يحدق بها ، ويكشف كل خباياها وخفاياها ، وتتبلور فيه حساسية خاصة تجاه أية بادرة يلاحظها ، إذا كانت تصب في نفس الاتجاه الذي يسير فيه ، أو تؤثر على الواقع الذي يتعامل معه ، سلبا كان ذلك التأثير أو إيجابا.
وإذا كان ثمة ارتباط في هذه الناحية بالذات بالغيب ، وبالله سبحانه على الخصوص ، فإن التأثير يصبح أكثر عمقا وأصالة وشمولية ، لأنه يرتكز على الناحية العقيدية والإيمانية والشعورية ومداها ، قبل أن يدخل في الحسابات المادية وفي نطاقها.
فإذا كانت الناحية الإيمانية تقوم على أساس فكري راسخ وتستند إلى القناعة من خلال الدليل الصحيح والقاطع ، فإنها تستمد حينئذ من اللامحدود ، وتستند إلى المطلق ، الذي يملك القدرة على استيعاب المحدود ، مهما كانت قوته ، ومهما اشتد وتعاظم خطره.