أما الزبير فقد كشف خبر بني قريظة (١).
ولكنه كلام لا يصح : لأن ابن الديبع قد صرح بأن الزبير هو الذي سمع أبا سفيان ينادي ، ويأمرهم بسؤال جلسائهم عن أنفسهم.
قال الزبير : فبدأت بجليسي وقلت : من أنت؟ (٢).
وقد حاول دحلان أن يجيب عن ذلك التساؤل بطريقة أخرى ، فقال : «فدعا حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما وأرسله كما سيأتي ، ولم يرسل الزبير (رض) مع سؤاله ذلك ثلاثا ؛ لأن له حدة وشدة ، لا يملك معها نفسه أن يحدث بالقوم شيئا مما نهى عنه حذيفة فيما يأتي ، فاختار إرسال حذيفة ذلك. هذا هو التحقيق عند أئمة السير. وهو أن المرسل إنما هو حذيفة (رض). ونسب بعضهم الإرسال إلى الزبير ، وهو اشتباه. وإنما إرسال الزبير (رض) في كشف خبر بني قريظة لما نقضوا العهد» (٣) انتهى.
ونقول :
قد تقدم : أن إرسال الزبير إلى بني قريظة لا يصح أيضا ، فراجع.
وأما أنه «صلى الله عليه وآله» عدل عن الزبير إلى حذيفة لأجل حدة كانت في الزبير ، فإنما هو على فرض تسليم أصل القصة. وهي مردودة جملة وتفصيلا ؛ لأن حذيفة يصرح بأنه «صلى الله عليه وآله» ناداهم ثلاثا فلم يجب منهم أحد ، وهذا يكذب أن يكون الزبير قد أجاب ثلاث مرات.
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٦٢ و ٥٦٣ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٣ وفتح الباري ج ٧ ص ٣١٢.
(٢) حدائق الأنوار ج ٢ ص ٥٩٠ و ٥٩١.
(٣) السيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٢٨.