فإذا كان هذا أكبر حشد يمكن لقوى الشرك والكفر في المنطقة كلها أن تقوم به ، وقد طار صيت هذا الحشد في مختلف البلاد ، وشدت إليه الأنظار ، وانتظر الناس أخباره في الليل والنهار ، وتوقعت القبائل نتائجه في مختلف أرجاء الجزيرة العربية بفارغ الصبر لا سيما وأن الهدف الذي أعلنوه لهذه الحرب ، هو استئصال محمد ومن معه ، حسبما تقدم (١).
فإن النتائج التي قدمها هذا الحشد كله ، قد جاءت بمثابة زلزال هز المنطقة من الأعماق ، وبث روح الفشل والوهن في كل قلب ، وزرع الخوف والرعب في كل بيت.
وحدثت الهزيمة الساحقة والماحقة لكل عنفوان الشرك ، وجبروت الكفر حيث فهم الجميع أن أقصى ما يمكن لهم أن يفعلوه ضد الإسلام ونبي الإسلام قد فعلته قريش والأحزاب ولم ينته إلى نتيجة.
وكانت النتيجة كذلك هي أن قريشا قد فقدت الكثير من نفوذها ومكانتها ، ولم تعد الكثير من القبائل تجد نفسها ملزمة بالخط أو الموقف الذي تريد قريش إلزامها به.
ولم يعد بالإمكان إقناع الكثير من القبائل بالمخاطرة بمستقبلها ، والدخول في حرب جديدة مع الإسلام ومع المسلمين.
أضف إلى ذلك : أنه لم يعد بالإمكان تحصيل درجة كافية من الوثوق
__________________
(١) راجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤١ وخاتم النبيين ج ٢ ص ٩٤٢ والمغازي للواقدي ج ٢ وبقية المصادر ـ وهي كثيرة جدا ـ تجدها في فصل : الأحزاب إلى المدينة ، وفي فصل : غدر بني قريظة.