عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ ، فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ، وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ)(١) قد نزل في شأن بني قريظة ، كما قاله مجاهد ؛ فإنهم كانوا قد عاهدوا النبي «صلى الله عليه وآله» على أن لا يضروا به ، ولا يمالئوا عليه عدوا ، ثم مالؤوا عليه الأحزاب يوم الخندق ، وأعانوهم عليه بالسلاح ، «وعاهدوا مرة بعد أخرى ، فنقضوا» (٢).
ولم نجد فيما بأيدينا من نصوص تاريخية ما يدل على تكرر نقض العهد من بني قريظة ، إلا ما رواه البخاري عن ابن عمر ، قال : «حاربت النضير وقريظة ، فأجلى بني النضير ، وأقر قريظة ، ومن عليهم ، حتى حاربت قريظة ، فقتل رجالهم ، وقسم نساءهم ، وأموالهم وأولادهم بين المسلمين ، إلا بعضهم لحقوا بالنبي «صلى الله عليه وآله» ، فأمنهم وأسلموا ، وأجلى يهود المدينة كلهم : بني قينقاع ، وهم رهط عبد الله بن سلام ، ويهود بني حارثة ، وكل يهودي بالمدينة.
ورواه أبو داود بنحوه ، إلا أنه قال : حتى حاربت قريظة بعد ذلك ، يعني بعد محاربتهم الأولى وتقريرهم.
ويؤخذ من ذلك : أن إجلاء من بقي من طوائف اليهود بالمدينة كان
__________________
(١) الآيات ٥٦ ـ ٥٨ من سورة الأنفال.
(٢) مجمع البيان ج ٤ ص ٥٥٢ والبحار ج ٢٠ ص ١٩١ وراجع : الدر المنثور ج ٣ ص ١٩١ عن ابن أبي شيبة وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ عن مجاهد باستثناء العبارة الأخيرة.