الصلاة مأمور بها في الوقت ، مع أن المفهوم من قول النبي «صلى الله عليه وآله» : لا يصلين أحد الظهر أو العصر إلا في بني قريظة ، المبادرة بالذهاب إليهم ، وأن لا يشتغل عنه بشيء لا أن تأخير الصلاة مقصود في نفسه ، من حيث أنه تأخير.
فأخذ بعض الصحابة بهذا المفهوم نظرا إلى المعنى ، لا إلى اللفظ ، فصلوا حين خافوا فوت الوقت. وأخذ آخرون بظاهر اللفظ وحقيقته ، فأخروها. ولم يعنف النبي «صلى الله عليه وآله» واحدا من الفريقين لأنهم مجتهدون (١).
ونقول تعليقا على ذلك :
إننا نرى : أن سبب عدم عيب النبي «صلى الله عليه وآله» من ترك صلاته ليس هو ما ذكره هؤلاء ولا يمكن استفادة ضابطة ولا تأسيس أي من القواعد التي استفادوها ، وأسسوا وبنوا عليها ، استنادا إلى فهمهم المنقول عنهم آنفا ، لأنه فهم خاطئ ، ولا مبرر له.
بل السبب : في أن النبي «صلى الله عليه وآله» ما عاب ، ولا عنف ، ولا لام أحدا منهم على ذلك هو أنه «صلى الله عليه وآله» قد عذرهم بفهمهم الخاطئ لمرمى كلامه ، رغم وضوحه وظهوره.
وذلك إن دل على شيء : فإنه ليس فقط لا يدل على اجتهادهم المدّعى ، بل هو يدل على تدن خطير في مستوى تفكيرهم ، إلى درجة يلحقهم بالقاصرين ، الذين يعذرون فيما يأتونه ويرتكبونه عن جهل وقصور.
فقد كان من الواضح : أنه «صلى الله عليه وآله» حين أمرهم بالمسير إلى
__________________
(١) شرح النووي على صحيح مسلم ج ١٢ ص ٩٨.