وإن كانت تعطي قدرة إلى حد ما على التصدي ، إلا أن معرفة تحركات العدو ، وحجمها ، واتجاهها في وقت مبكر يعطي هو الآخر ، فرصة أكبر من مواجهته بالأساليب وبالمستوى الملائم ، ويمنع من العجلة والتشويش في اتخاذ الإجراءات المؤثرة في دفع غائلة هذا العدو.
وكان علي «عليه السلام» ، يقوم بدور الراصد لكل تحركات الأعداء ، وكان هو العين الساهرة في المواقع المتقدمة في خط المواجهة ، التي لم يكن يجرؤ عليها أحد سواه ، كما ظهر من تجربة المسلمين مع عمرو بن عبدود.
٨ ـ وبعد ، فرغم أن الله قد وفق لبقاء المسجد الذي يشهد لجهاد وتضحيات علي «عليه السلام» ، وكان هذا المسجد معروفا ، ويقصده المؤمنون للصلاة فيه ، فإننا لا نكاد نجد لعلي «عليه السلام» ذكرا في هذا المجال.
ولا ندري إن كان هذا المسجد قد استطاع أن يصمد طويلا أمام حقد الحاقدين على كل ما يمت لعلي وأهل بيته «عليهم السلام» بصلة ، حتى انتهى ميراث هذا التجلي الوقح والغبي إلى من يطلق عليهم اسم : الوهابيين الذين لا تزال تظهر في كلماتهم وفي أفعالهم بوادر كثيرة تدل على حقد وكراهية وامتهان ، ليس فقط لقدسية علي وأهل البيت «عليهم السلام» ، بل وحتى لمقام النبوة الأقدس بالذات.
وقد أسلفنا بعضا مما يشير إلى ذلك : في الجزء الأول من هذا الكتاب ، ولا بأس بمراجعة الجزء الثالث من كتابنا : «دراسات وبحوث في التاريخ والإسلام» ، وبحث : «إدارة الحرمين الشريفين في القرآن الكريم».