فجاء الخبر بذلك رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فعظم البلاء ، وبعث سلمة بن أسلم في مئتي رجل ، وزيد بن حارثة في ثلاث مئة يحرسون المدينة ، ويظهرون التكبير ، ومعهم خيل المسلمين ، فإذا أصبحوا أمنوا.
فكان أبو بكر يقول : لقد خفنا على الذراري بالمدينة من بني قريظة أشد من خوفنا من قريش وغطفان. ولقد كنت أوفي على سلع ، فأنظر إلى بيوت المدينة ، فإذا رأيتهم هادين حمدت الله عز وجل ، فكان مما رد الله به بني قريظة عما أرادوا : أن المدينة كانت تحرس» (١).
ونقول :
إنه ربما يستفاد من قوله تعالى : (إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) أن بني قريظة قد تحركوا لقتال المسلمين ، أو لمحاصرتهم ، أو عملوا على ذلك بطريقة أو بأخرى.
هذا ... ولم تذكر لنا الرواية سبب عدم استجابة قريش وغطفان لطلب بني قريظة ، ولا الطريقة التي علم بها رسول الله بإرسال بني قريظة تلك الرسالة إلى الأحزاب.
كما أننا لا نكاد نطمئن : إلى أن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يبادر إلى حراسة المدينة إلا بعد أن علم بعزمهم على تبييتها. فإن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليغفل عن حراسة المدينة من أول يوم خرج فيه لحفر الخندق
__________________
(١) راجع المصادر التالية : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٢٦٠ وامتاع الاسماع ج ١ ص ٢٢٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٤ و ٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣١٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٤ ص ٥٢٨.