يجرؤ على ملاحقة جيش المسلمين حتى حين انسحب من المعركة ، مهزوما بفعل خالد بن الوليد ..
ولو كان ذلك الجيش الهائل يرى نفسه منتصرا لحظة استشهاد القادة ، أو يحتمل أن بإمكانه أن يكسب لنفسه نصرا لم يتوان عن ملاحقتهم حتى المدينة ، لكي يتخلص من هؤلاء الناس الذين تجرؤوا على غزو أمبرطوريتهم في عقر دارهم وبلادهم ، وشاهدوا منهم ما أذهلهم ، وطاشت له ألبابهم ، طيلة أيام عديدة ، وكان ما جرى للقادة الثلاثة هو التتويج لتلك البطولات ، الذي وضعهم على عتبة الإنهيار والاستسلام لو لم يبادر خالد إلى الفرار ، وتبعه المسلمون في ذلك.
نعم ، إن الله تعالى ألبسهم لباس الذل والخزي ، وملأ الرعب قلوبهم وهذا هو الذي يصنع النصر كما قال «صلىاللهعليهوآله» : «نصرت بالرعب». ولم يكن أمامهم أي خيار سوى لملمة جراحهم ، والإنكفاء الذليل ، الذي جعلهم يعيشون الحيرة ، وربما الدهشة ، والرضا بالنكسة التي نالتهم.
لقد استبدل خالد النصر الذي كان في متناول أيدي المسلمين بهزيمة شنعاء ، نكراء نشأت عنها متاعب جمة ، وتسببت بأن يعود لكيان الأمبرطورية الرومية لاستجماع قواه ، وليلحق الأذى بأهل الإسلام بعد ذلك مرة بعد أخرى.
أثر مؤتة في فتح مكة :
ولا نستطيع أن نستبعد تأثير ما جرى في مؤتة التي تمثل هزيمة حقيقية لجيش ملك يهيمن على إحدى الدولتين الأعظم في العالم .. رغم أن ذلك