يكون قد خفف عنهم بعض الألم الذي كان يعتصر قلوبهم ..
وبتعبير آخر أوضح وأصرح :
إنه «صلىاللهعليهوآله» إنما قال ذلك لهم على سبيل التشبيه والتنزيل والمجاز ، لا على سبيل الحقيقة ، إذ ليس في ظاهر حالهم حين فرارهم ما يدل على أنهم كانوا يقصدون بهذا الفرار التحيز إلى فئة. بل كان همهم النجاة بأنفسهم وحسب.
ولكن النبي «صلىاللهعليهوآله» ـ كما قلنا ـ قد أراد معالجة سلبيات الهزيمة بهذا النحو من التخفيف والتلطيف ، واعتبارهم كأنهم قد تحيزوا إلى فئة ، حتى قال لهم : وأنا فئتكم.
ولو كان كلامه «صلىاللهعليهوآله» جار على سبيل الحقيقة ، لم يحتج إلى بيان من هو الفئة لهم ..
لو دخلنا المدينة قتلنا!!
والأمر الأكثر إثارة ، والأشد غرابة والأوضح دلالة ، أن يبلغ الخوف بالفارين من الزحف حدا يجعلهم يصرحون بأنهم لو دخلوا المدينة قتلوا ..
فإن هذا الخوف لا يكون لمجرد تحيزهم إلى فئة ، بل هو فرارهم من الزحف ..
إن لم نقل : إن ذلك قد يثير احتمال ظهور تواطؤ أو خيانة منهم اكتشفها المسلمون ، فأثارت لدى مرتكبيها احتمالات القتل ..
ويتأكد هذا الذي ذكرناه مع علم الجميع : بأن الفرار من وجه جيش يزيدهم عشرات الأضعاف ، لا يوجب للفارين أية مجازاة أو عقوبة. أو لوم.