ثالثا : إنهم يقولون : إن رجلا لفظته الأرض اسمه فليت (١). فلعلهم استعاروا هذه الحادثة من ذلك الرجل واتحفوا بها ابن جثامة لأسباب لا يهمنا التعرف عليها.
رابعا : لماذا يستغفر النبي «صلىاللهعليهوآله» لأسامة ، كما يدعون ، ويرفض أن يستغفر لابن جثامة؟!
ما معنى أن يطلب «صلىاللهعليهوآله» من الله أن لا يغفر لابن جثامة ، الذي كان يبكي ، ويظهر الندامة ، مع أن الله قد أرسله رحمة للعالمين. ومع أنه قد كان يمكنه أن يجري عليه الأحكام الشرعية التي تتعلق بالقاتل ، إن وجده مدانا فيما أقدم عليه.
ثم إن الله هو الذي يتولى حسابه على نواياه ، إن كان صادقا في توبته ، أو غير صادق فيها.
ملاحظة أخيرة :
ويلاحظ هنا : أن هذه القصة تشبه في عناصرها ، وسياقاتها قصة أسامة بن زيد ، التي تقدم الحديث عنها في الجزء السابق من هذا الكتاب.
فكيف لم يتعظ محلم بن جثامة بما جرى لأسامة؟!
وهل يمكن أن نعتبر أن الشدة التي أظهرها النبي الكريم «صلىاللهعليهوآله» على محلم بن جثامة ، ترجع إلى أن ما جرى لأسامة كان يجب أن يردع ابن جثامة وغيره عن ارتكاب نفس المخالفة ، فضلا عن أن يقدم نفس العذر.
__________________
(١) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ١٠ ص ٢٢٢ عن الروض الأنف.