تسقط اليد ويرتفع اللواء :
وحين قطعت يد جعفر وسقطت ، فإن ألم قطعها لم يشغل جعفرا ، ولم يمنعه من المبادرة إلى رفع اللواء باليد الأخرى ، ولم ير «عليهالسلام» في هذا الذي جرى له عذرا يبرر انكفاءه عن المواجهة.
بل وجد أن واجبه هو : أن يهزم العدو بالرعب من خلال ما يشاهده من إصراره الأكيد على رفع اللواء باليد الأخرى ، وليكون ذلك سببا في مضاعفة حدة اندفاع المسلمين في مواجهة عدوهم.
وحتى حين قطعت اليد الأخرى ، فإنه يواصل جهاده ويبذل قصارى جهده في حفظ جذوة الحماس ملتهبة لدى كتائب الجيش الإسلامي ، الذي لا بد أن يظهر ـ من أجل ذلك ـ من البسالة والإقدام والشجاعة ، ما يحير العقول ، ويذهل الألباب ..
وتصعد روح جعفر إلى بارئها ، ويرتفع جعفر ، ويحلق إلى مقامات القرب والزلفى ، ومواقع العز والكرامة بنفس هاتين اليدين المقطوعتين ، اللتين ألبستاه ـ بفقدهما ـ حلتين من البهاء والجمال ، والعظمة والجلال.
الطيار بعد قطع يديه :
وقد صرحت بعض الروايات : بأن جعفرا قطعت يمينه ، فأخذ الراية بيساره ، فقطعت يساره ، فاحتضن الراية ، وقاتل حتى قتل (١).
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٧ وتاريخ الخميس ج ٢ ص ٧١ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٤ ص ٢٦ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٦٧ وعن زاد المعاد ج ١ ص ١١٣٤ والعبر