٣ ـ وعن ابن كعب بن مالك قال : حدثني نفر من قومي حضروا يومئذ ، قالوا : لما أخذ خالد اللواء انكشف بالناس ، فكانت الهزيمة ، وقتل المسلمون ، واتبعهم المشركون ، فجعل قطبة بن عامر يصيح : يا قوم ، يقتل الرجل مقبلا أحسن من أن يقتل مدبرا ، يصيح بأصحابه ، فما يثوب إليه أحد ، هي الهزيمة.
ويتبعون صاحب الراية منهزما (١).
٤ ـ وعن أبي هريرة : لما قتل ابن رواحة ، انهزم المسلمون ، فجعل خالد يدعوهم في أخراهم ، ويمنعهم عن الفرار ، وهم لا يسمعون ، حتى نادى قطبة بن عامر : أيها الناس ، لأن يقتل الرجل في حرب الكفار ، خير من ان يقتل حال الفرار ، فلما سمعوا كلام قطبة تراجعوا (٢).
طريق جمع فاشل :
وقد حاول بعضهم : أن يجمع بين هذه الروايات المختلفة والمتخالفة ، فقال :
«هذا لا يخالف ما يأتي من أن طائفة منهم فروا إلى المدينة لما عاينوا كثرة جموع الروم ، فصار أهل المدينة يقولون لهم : أنتم الفرارون» (٣).
قال في البداية : لعل طائفة منهم فروا لما عاينوا كثرة جموع العدو ، على ما ذكروه مائتي ألف ، وكان المسلمون ثلاثة آلاف ، ومثل هذا يسوغ الفرار.
فلما فر هؤلاء ثبت باقيهم ، وفتح الله عليهم ، وتخلصوا من أيدي
__________________
(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٧٦٣ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٩ ص ٣٣٧.
(٢) تاريخ الخميس ج ٢ ص ٧٢.
(٣) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٨ وراجع : البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٤٩.