فالنصر كان متوقعا ، وكانت الأمثولة لهم هي غزوة بدر ، والنصر المؤزر الذي تحقق فيها ..
فخرج على قومه في زينته :
وإن قصة أبي هريرة حين رأى كثرة القوم ، والعدّة والسلاح ، والحرير ، والديباج ، والذهب ، حيث برق بصره ـ لتذكرنا بقوله تعالى عن قارون :
(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ ، وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوابُ اللهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً وَلا يُلَقَّاها إِلَّا الصَّابِرُونَ) (١).
ويقول تعالى عن فرعون : (وَنادى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قالَ يا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهذِهِ الْأَنْهارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ ، أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكادُ يُبِينُ ، فَلَوْ لا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ ، فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ) (٢).
فقد أظهرت هذه الآيات الخلل العميق في النظرة وفي المعايير لدى قوم فرعون ، وأمثالهم من طلاب الحياة الدنيا ، وذلك لأن رؤيتهم للزينة الحاضرة ، وللأنهار تجري من تحت فرعون ، وكون أن ملك مصر بيده .. ثم
__________________
ص ١٠٨ وعن الإصابة ج ١ ص ٥٠٠ وشجرة طوبى ج ٢ ص ٢٩٩ وعن البداية والنهاية ج ٤ ص ٢٧٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٤٦٨ وعن دلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٧٨.
(١) الآيتان ٧٩ و ٨٠ من سورة القصص.
(٢) الآيات ٥١ ـ ٥٤ من سورة الزخرف.