فإن المفروض هو : أن تكون لمثل هذه الأفعال دلالاتها المفيدة لمعنى ظاهر ، إذ ليس ذلك من الأمور التعبدية .. ولا هو من الرسوم أو العادات المتبعة في الحروب ..
ونحن لم نفهم لضم الراية السوداء إلى اللواء الأبيض أي معنى ، لا بالنسبة للذين أرسلهم النبي «صلىاللهعليهوآله» .. ولا بالنسبة لقائدهم ، ولا فيما يرتبط بالتأثير على العدو في ميادين الحرب ، أو نحو ذلك.
غير أننا نظن أن ذلك من تفننات محبي عمرو بن العاص ، بهدف الإيحاء بأن له خصوصية مّا ، ولو بهذا المقدار الذي لا معنى له ، ولا طائل تحته.
هذا كله .. على فرض أن يكون ثمة اختلاف بين اللواء والراية ، مع أنه قد تقدم في غزوة أحد وفي غيرها : أنهما واحد ، وإن حاول بعضهم أن يدّعي خلاف ذلك ..
سراة المهاجرين والأنصار :
ويلفت نظرنا قولهم : «بعثه في ثلاث مئة من سراة المهاجرين والأنصار». ثم طلب منه عمرو المدد ، «فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح في ماءتين من سراة المهاجرين والأنصار ، وبينهم أبو بكر وعمر» (١).
وقد راجعنا كتب الحديث والسيرة والتاريخ ، فلم نجدهم ذكروا أسماء أحد من الصحابة ، تستطيع أن تبرر إطلاق وصف السراة ـ خصوصا بنظر
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ١٩٠ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ١٣١ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٢٢ وعن عيون الأثر ج ٢ ص ١٧١ و ٣١٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٦٧.