المضحك المبكي :
ومن المضحك المبكي حديث الرجل من بني مرة ، الذي أنكر فيه أن يكون خالد قد انهزم .. ثم شرح ذلك ، بأن اللواء سقط بعد قتل ابن رواحة .. واستمرت الحرب قال : «فنظرت إلى اللواء في يد خالد منهزما ، واتبعناه ، فكانت الهزيمة» (١).
فما معنى نفيه هزيمة خالد أولا ، ثم إثباته لها أخيرا. حتى لقد جعل خالدا أول منهزم باللواء فيهم ، ثم تبعه الناس.
وهذه القضية التي جاءت بعفوية تامة ، تظهر إلى أي حد كان هذا الرجل سليم الذات ، فهو ينقاد لمشاعره تجاه خالد أولا ، فلا يرضى بنسبة الهزيمة إليه ، ثم لما أراد بيان ما جرى ساقته عفويته ، وسلامة ذاته ، وصدق لهجته إلى بيان حقيقة ما جرى بدقة ، فظهر التناقض بين ما تدعوه إليه مشاعره من جهة ، وبين ما أظهرته عفويته ، وسلامة نفسه ، وصدق لهجته من جهة أخرى ..
دلالات في تشويش النصوص وتناقضها :
إن من يقرأ تلك النصوص ، وسواها مما سيأتي يخرج مندهشا من شدة اضطرابها ، واختلافها ، حيث إن بعضها حريص على الإيحاء بأن قيادة خالد قد جلبت النصر للمسلمين. مع ظهور أو صراحة قسم وافر منها ، ومؤيد بالشواهد والأدلة على أن هذه القيادة قد جلبت على ذلك الجيش الهزيمة
__________________
(١) الطبقات الكبرى لابن سعد ج ٢ ص ١٢٩ وتاريخ مدينة دمشق ج ٤٩ ص ٣٧ وج ٦٨ ص ٨٧.