من هذه السرية هو الضغط على قريش من الناحية النفسية ، وإيجاد حالة من الخشية والترقب ، وعدم الاستقرار لديها ..
على أن من غير المعقول : في سرية بهذا الحجم ، وتحتاج في إنجاز مهمتها إلى وقت طويل ، أن لا تحمل معها من القوت ما يكفيها طيلة إقامتها إلا أن يكون اعتمادها على الغارة والسلب ، وهذا ما لا يقرهم عليه دينهم وخلقهم ، ولا يقبله وجدانهم ولا يرضاه منهم رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كما أشرنا إليه أكثر من مرة.
عقلاء .. أم حساد؟! :
إن سعد بن عبادة كان رئيس الخزرج ، وكان من بيت شرف وأريحية وإباء .. وكان قيس نفسه معروفا بالجود والكرم أيضا ..
ولسنا نشك في أن سعدا لا يخذل ولده في موقف كهذا ، بل هو يسر ويفتخر ويتباهى به. وقد قال ذلك الرجل ـ بائع التمر ـ نفسه : والله ، ما كان سعد ليخني بابنه في سقة من تمر.
ولكن اللافت : هو هذا الموقف الحاد الذي اتخذه عمر بن الخطاب ، الذي كان يكفيه أن يسدي النصيحة لقيس فيما بينه وبينه. وأما تقبيح عمله على رؤوس الأشهاد ، ثم التشكيك بوفاء أبيه له ، فلا يرضاه أحد لا سيما وانه يستبطن انتقاصا من سعد ومن قيس على حد سواء ..
ولا نريد أن نفسح المجال لخيالنا ليلا حق دوافع هذا الموقف الحاد ، فنفترض تارة أن الهدف هو صلاح قيس ، وحفظ أموال سعد عن الإهدار والتبذير ..