خصوصا إذا أخذنا بقول الحلبي : «ثم أخذه خالد ، ومانع القوم وثبت ، ثم انحاز كل من الفريقين عن الآخر ، من غير هزيمة على أحدهما» (١). فإن ذلك يتطلب منهم معاودة الهجوم ، لا ترك ساحة الحرب والانكشاف والعودة!!
٤ ـ والغريب في الأمر : أن رواية كعب بن مالك عن نفر من قومه تقول : «فكانت الهزيمة ، وقتل المسلمون ، واتبعهم المشركون».
وهذا معناه : أن الهزيمة كانت هي السبب في استشهاد هذا العدد من المسلمين .. ثمانية أو اثنا عشر أو نحو ذلك ..
وهو يعني أيضا : أن المشركين لم يتركوا المسلمين حين انهزم بهم خالد ، بل لا حقوهم ، وقتلوا عددا منهم.
وهو يدل أيضا : أن أحدا لم يستشهد قبل استشهاد القادة ، رغم استمرار الحرب سبعة ايام ، كما تقدم.
النصر الموهوم :
وعن زعمهم : أن خالدا قد سجل نصرا مؤزرا وعظيما على جيوش الروم .. بل في بعضها : أن الروم قتلوا قتلة لم يقتلها قوم ، وأن المسلمين قد وضعوا اسيافهم حيث شاؤوا ، نقول :
قد نسي الأفاكون : أن أهل المدينة قد طرد ذلك الجيش العائد ، بقيادة خالد. وحثوا التراب في وجوههم ، وهجروهم ، وعاقبوهم أسوأ عقوبة كما سيأتي .. فلو صح انهم قد انتصروا لكان ينبغي أن يلاقوهم بالورود
__________________
(١) السيرة الحلبية ج ٣ ص ٦٧.