ونقول :
إن هذه الرواية تريد ان تقول : إن خالدا لم ينهزم ، لا في البداية ولا في النهاية ، بل ثبت ، والذين انهزموا قبل أخذه للواء هم المسلمون ، فلما أخذه ثبت بهم أولا ، ثم ألحق هزيمة بجمع من جمع العدو .. ثم إن المسلمين انحاشوا ، ثم انكشفوا راجعين ، فهم أيضا لم ينهزموا ، بل ما حصل هو مجرد الانحياش ، ثم الانكشاف .. وترك الحرب والرجوع ، مع أننا قد ذكرنا :
١ ـ أن الرواية المتقدمة عن الرجل المرّي الذي كان حاضرا تقول : إن أول منهزم كان في المرة الأولى هو خالد بن الوليد ، ثم تبعه في الهزيمة سائر الناس .. وصرحت روايات عديدة أخرى بهزيمة خالد أيضا.
وفي رواية ابن كعب بن مالك عن رجال من قومه : أن قطبة بن عامر جعل يصيح : يا قوم .. فما يثوب إليه أحد ، هي الهزيمة. ويتبعون صاحب الراية منهزما.
وقد ذكر المرّي : أن صاحب الراية هو خالد ..
٢ ـ وسيأتي : أن أهل المدينة قد واجهوا ذلك الجيش العائد بالطرد ، والإدانة ، والإهانة حتى حثوا في وجوههم التراب ، وعيروهم بالفرار .. وعاشوا حالة من الإحساس بالذلة والذنب ، بلغت بهم حد الاختفاء عن أعين الناس في بيوتهم ، وانقطعوا عن المسجد ، وعن الصلاة مع رسول الله «صلىاللهعليهوآله» ..
٣ ـ إنه إذا انحاش المسلمون وانحازوا إلى جهة بعينها ، وتجمعوا فيها حين دهمهم الكفار ، فلماذا انكشفوا راجعين في هذه اللحظة بالذات .. مع أنهم كانوا ـ حسب زعم هؤلاء ـ قادرين على مواصلة الحرب والقتال ..