الضلال عن الطريق والاهتداء إليها :
ثم إننا نستبعد : أن يكون علي «عليهالسلام» ، ومن معه ما لبثوا أن ضلوا عن الطريق وهم أهل البلاد ، ويعرفون شعابها ومسالكها ..
ولو فرض : أن بعضهم قد وقع في الشبهة ، فإن من الطبيعي أن يكون بين هذا العدد من الناس الكثيرون ممن يعرفون الطريق ، ويرشدون رفقاءهم إليها ، ويدلونهم عليها ..
يضاف إلى ذلك : أن عليا «عليهالسلام» قائدهم هو الذي سلك المسالك الوعرة والغامضة في سرية ذات السلاسل ، حتى إن ذلك قد حرك عمرو بن العاص ، وكذلك خالد بن الوليد لتوسيط أبي بكر وعمر لديه ، ليرجع بهم إلى الجادة ، فأجابهم أنه يعلم ما يصنع ..
فلماذا لا يرشدهم علي العارف بغوامض الطرق ، والواقف على المسالك الصعبة ، إلى طريق الجادة ، حتى احتاجوا إلى قدح النار من حوافر خيولهم؟!
وحتى لو قبلنا بأنهم قد ضلوا الطريق .. فإن حديث معرفتهم الطريق بسبب قدح النار من حوافر الخيل ، يبقى هو الآخر موضع ريب ، فإن قدح الشرر لا يوجب رؤية الطريق ، وتمييز معالمها ، كما أنه لا يوجب اشتعال النار ، إلى حد أن تكشف ما حولها ..
إلا إن كان المقصود : أن سيره على الحجارة الذي أوجب قدح الشرر من حوافر الخيل قد عرّفهم بأنهم يسيرون على الطريق. مع افتراض أن يكون وجود الحجارة دليلا على الطريق ، باعتبار أن سائر المسالك لا حجارة فيها ..
ولكن هذا يبقى مجرد احتمال ، قد يعرض له التأييد أو التفنيد ، بحسب ما يعرض له من أدلة أو شواهد. بل هو احتمال بعيد ، وافتراض غير سديد.