نصرت بالرعب :
قلنا في بعض المواضع من هذا الكتاب : إن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» كان يريد أن يفتح مكة من دون إراقة محجمة من دم فيها ، وذلك حفاظا منه «صلىاللهعليهوآله» على قدسية البيت الحرام ، الذي يريده الله حرما آمنا ، حتى حين يتخطف الناس من حوله.
فكان أن انتهج سياسة تعرّف أولئك الطغاة ، بقوة الإسلام الحقيقية ، وتزيل عن أعينهم غشاء الغرور والعنجهية ، ليروا الحقائق على ما هي عليه ، بعيدا عن التحجيم تارة ، وعن التضخيم أخرى ..
حتى إذا اتضح لهم ذلك دب الرعب في قلوبهم ، ولم يجدوا عن التراجع عن تلك المواقف المخزية محيصا ، وبذلك يتابع الإسلام مسيرته الظافرة ، ويمارس حقه الطبيعي في الدعوة إلى الله تعالى.
وهذا بالذات هو ما عناه رسول الله «صلىاللهعليهوآله» بقوله : «نصرت بالرعب».
وحين كان «صلىاللهعليهوآله» من جهة أخرى يمارس أسلوب المفاجأة ، فإنما كان يريد أن يظهر جانبا آخر من قوة الإسلام ، من حيث أن أسلوب الحرب ، وطبيعة الحركة فيها من شأنه أن يضيف المزيد من القدرات المؤثرة في إضعاف العدو ، وفي هزيمته الروحية ، وفي زيادة اندفاع القوات المهاجمة له ، التي تريد تحقيق النصر عليه ..
ولذلك بعث رسول الله «صلىاللهعليهوآله» أبا قتادة في ثمانية نفر إلى بطن إضم ، ليظن ظان أن رسول الله «صلىاللهعليهوآله» يفكر في التحرك بذلك الاتجاه. أو أنه يفكر في معالجة القضايا القريبة منه ، وليس له همة فيما