وكان يهمه أيضا منح الفضائل لأبي بكر وعمر ، لأن في ذلك إيذاء لعلي وأهل بيته «عليهمالسلام» ، الذين شن هو ومعاوية الحروب الطاحنة عليهم ، ولأن ذلك يجلب له المنافع والمناصب ، وقد كان يملك مفاتيحها ، أبو بكر وعمر ، ومحبوهما.
النبي صلىاللهعليهوآله يتألف الناس بعمرو ، ويستنفر العرب :
وذكروا : أن النبي «صلىاللهعليهوآله» بعث عمرو بن العاص في ثلاث مئة يستنفر العرب للشام ، وأمره أن يستعين بمن مر به من العرب من بليّ ، وعذره ، وبلقين. لأنه كان ذا رحم فيه لأن أم العاص كانت بلوية (١).
ونقول :
أولا : إننا لم نجد ما يدل على أن البلويين ، وعذرة ، وبلقين قد أعانوا عمروا في مهمته تلك. ولم يزد عدد من معه في سريته سوى أولئك الذين التحقوا به ممن جاؤوا من المدينة مع أبي عبيدة.
ثانيا : إن الكثيرين بين المسلمين كانوا ذوي رحم في تلك القبائل التي كانوا يسيرون لحربها بين الفينة والأخرى ، أو كانوا يمرون عليها في مسيرهم إلى حروبهم. فلما ذا لم يكن يوليهم أمارة الجيوش ليستميل بهم تلك القبائل ، ويستعين بها في حروبه تلك.
ثالثا : إن هذا النص يقول : إنه «صلىاللهعليهوآله» إنما بعث عمروا ليستنفر العرب إلى الشام ، ولم يبعثه ليحارب .. فهل تعدى أمر رسول الله
__________________
(١) سبل الهدى والرشاد ج ٦ ص ١٦٧ وتاريخ مدينة دمشق ج ٢ ص ٢٢.