رواية زرارة قال : سمعت أبا جعفر عليهالسلام يقول : «الطلاق الذي يحبه الله
______________________________________________________
راجعها قبل أن تملك نفسها ثم طلقها ثلاث مرات يراجعها ويطلقها لم تحلّ له إلا بزوج) (١).
وهذه الرواية مع شذوذها وعدم عمل الأصحاب ، ومعارضتها لما هو أقوى منها قد رواها عبد الله بن بكير وهو فطحي المذهب لا يعتمد على روايته ، وفيها قادح آخر ، وهو أن عبد الله بن بكير كان يفتي بمضمونها وقد راجعه أصحاب الأئمة عليهمالسلام في الأمر فقال : هذا مما رزقني الله من الرأي كما في خبر رفاعة عن أبي عبد الله عليهمالسلام (سألته عن رجل طلّق امرأته حتى بانت منه وانقضت عدتها ثم تزوجت زوجا آخر فطلّقها أيضا ثم تزوجت زوجها الأول أيهدم ذلك الطلاق الأول؟ قال : نعم.
قال ابن سماعة ـ وهو من جملة رواة هذا الخبر ـ : وكان ابن بكير يقول : المطلّقة إذا طلّقها زوجها ثم تركها حتى تبين ثم تزوجها فإنما هي على طلاق مستأنف ، قال : وذكر الحسين بن هاشم أنه سأل ابن بكير عنها فأجابه بهذا الجواب فقال له : سمعت في هذا شيئا؟ قال : رواية رفاعة.
قال ابن هاشم : إن رفاعة روى إذا دخل بينهما زوج ، فقال ابن بكير : زوج وغير زوج عندي سواء ، فقلت : أسمعت في هذا شيئا؟ قال : لا ، هذا مما رزق الله من الرأي.
قال ابن سماعة : وليس نأخذ بقول ابن بكير ، فإن الرواية إذا كان بينهما زوج) (٢) ، وخبر عبد الله بن المغيرة (سألت عبد الله بن بكير عن رجل طلّق امرأته واحدة ثم تركها حتى بانت منه ثم تزوجها ، قال : هي معه كما كانت في التزويج ، قلت : فإن رواية رفاعة إذا كان بينهما زوج ، فقال لي عبد الله : هذا زوج ، وهذا مما رزق الله من الرأي) (٣).
هذا وقد احتمل الشيخ في التهذيب أن هذا الحكم من رأيه وقد أسنده إلى زرارة في الخبر المتقدم نصرة لمذهبه حيث قال الشيخ في الكتاب المذكور ملخصا : (هذه الرواية طريقها ابن بكير ، وقد قدّمنا أنه قال حين سئل عن هذه المسألة : هذا مما رزق الله من الرأي ، ولو كان سمع ذلك من زرارة لكان يقول : نعم رواية زرارة ، ويجوز أن يكون أسند ذلك إلى زرارة نصرة لمذهبه لما رأى أصحابه لا يقبلون ما يقوله برأيه ، وليس هو
معصوما لا يجوز عليه هذا ، بل وقع منه من العدول عن مذهب الحق إلى اعتقاد مذهب
__________________
(١) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١٦.
(٢) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١١.
(٣) الوسائل الباب ـ ٣ ـ من أبواب أقسام الطلاق حديث ١٢.