المنفى ، فيكون (١) إثباتا للتسعين بعد نفي المائة(ولو قال : إلا تسعين) بالياء(فليس مقرا (٢) ، لأن نصب المستثنى دليل على كون المستثنى منه موجبا (٣) ، ولما كان ظاهره (٤) النفي حمل على أنّ حرف النفي داخل على الجملة المثبتة المشتملة على الاستثناء ، أعني مجموع المستثنى والمستثنى منه ، وهي (٥) : «له عليّ مائة إلا تسعين» فكأنه قال : المقدار الذي هو مائة إلا تسعين ليس له عليّ ، أعني العشرة الباقية بعد الاستثناء ، كذا قرره المصنف في شرح الارشاد على ، نظير العبارة ، وغيره.
وفيه نظر ، لأن ذلك (٦) لا يتم إلا مع امتناع النصب (٧) على تقدير كونه
______________________________________________________
(١) أي الاستثناء.
(٢) كما هو المشهور كما في المسالك ، لأن نصب المستثنى من المنفي التام غير جائز ، إلا إذا كان نصب المستثنى دليلا على جعل الاستثناء من الموجب التام ، بجعل النفي داخلا على المستثنى والمستثنى منه فكأنه قال : المقدار الذي هو مائة إلا تسعين ليس له عليّ ، والمعنى فالمقدار الذي هو عشرة ليس له عليّ فلا يكون إقرارا بشيء.
وتنظر فيه الشارح في المسالك بأن المستثنى من المنفي التام مما يجوز رفعه ونصبه باتفاق النحاة ، وإن كان الرفع أكثر ، ولذا قرئ بالنصب قوله تعالى : (وَلٰا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ) (١) ، وقوله تعالى : (مٰا فَعَلُوهُ إِلّٰا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) (٢).
ثم وجّه قول المشهور بعدم الإقرار عند نصب المستثنى من المنفي التام ، لأنه يحتمل الاستثناء ويحتمل عدمه ، فإن جعلنا النفي داخلا على المستثنى فقط فالاستثناء ويكون إقرارا بالتسعين وإن جعلنا النفي داخلا على مجموع المستثنى منه والمستثنى كما قاله المشهور فلا استثناء ، ولا يكون إقرارا بشيء ، ومع الشك في ثبوت الإقرار فأصالة البراءة جارية.
(٣) أي غير منفي.
(٤) أي ظاهر المستثنى منه.
(٥) أي الجملة المثبتة المشتملة على الاستثناء.
(٦) وهو إدخال النفي على مجموع المستثنى والمستثنى منه.
(٧) أي نصب المستثنى.
__________________
(١) سورة هود ، الآية : ٨١.
(٢) سورة النساء ، الآية : ٥٦.