عليّ مائة موصوفة بأنها غير تسعين ، فقد وصف المقرّ به (١) ولم يستثن منه شيئا ، وهذه الصفة مؤكدة (٢) صالحة للإسقاط (٣) ، إذ كل مائة فهي موصوفة بذلك (٤) ، مثلها «في نفخة واحدة (٥)».
واعلم أن المشهور بين النحاة في ، إلّا الوصفية ، كونها وصفا لجمع منكر كقوله تعالى : (لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا) (٦) والمائة ليست من هذا الباب (٧) ، لكن الذي اختاره جماعة من المتأخرين عدم اشتراط ذلك (٨) ، ونقل في المغني عن سيبويه جواز «لو كان معنا رجل (٩) إلا زيد ، لغلبنا» ، أي غير زيد.)
(ولو قال (١٠) : ليس له عليّ مائة إلا تسعون فهو اقرار بتسعين) ، لأن المستثنى من المنفي التام يكون مرفوعا فلما رفع التسعين علم أنه استثناء من
______________________________________________________
(١) وهو المائة.
(٢) قال ابن هشام في المغني : (إن طابق ما بعد إلا موصوفها فالوصف مخصص له ، وإن خالفه بإفراد أو غيره فالوصف مؤكّد ، ولم أر من أفصح عن هذا) انتهى ، فالوصف المخصص كما في قوله : لو كان معنا رجل إلا زيد لغلبنا ، والوصف المؤكد كما في قوله تعالى : (لَوْ كٰانَ فِيهِمٰا آلِهَةٌ إِلَّا اللّٰهُ لَفَسَدَتٰا) (١).
(٣) بحيث لو حذفت من الكلام فلا إخلال بالمقصود.
(٤) بأنها غير تسعين.
(٥) فالتاء في (نفخة) دالة على الوحدة ، فالتوصيف بالواحدة يكون من الوصف الصالح للإسقاط بحيث لو حذف فلا إخلال بالمقصود.
(٦) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٢.
(٧) لأن المائة الموصوفة ليست من الجمع المنكر.
(٨) أي عدم اشتراط كون موصوفها جمعا منكرا.
(٩) والرجل هو الموصوف ، وهو مفرد وليس بجمع منكر.
(١٠) هذا تفريع على الحكم الثاني أيضا ، ولكنه تفريع على بعضه ، أعني أن الاستثناء من النفي إثبات ، فإذا نفى المائة ثم أثبت التسعين ، فهو إقرار بالتسعين ، لأنه استثناها من المائة بدليل رفعها ، لأن المستثنى من المنفي التام الذي ذكر فيه المستثنى منه لا بدّ أن يكون مرفوعا.
__________________
(١) سورة الأنبياء ، الآية : ٢٢.