كما أن من القريب جدا : أن يكون «صلىاللهعليهوآله» ، قد خطب الناس في فتح مكة مرات عديدة ، حيث إن إقامته فيها قد امتدت أياما كثيرة ، كما تقدم في أوائل الحديث عن فتح مكة ..
فلعل ما روي عن الإمام أبي جعفر «عليهالسلام» يراد به إحدى تلك الخطب.
ومن جهة أخرى ، فإن التأمل في هذه الخطبة يعطي : أن ثمة أمورا كثيرة كان «صلىاللهعليهوآله» يتصدى لمعالجتها.
وقد ركزت هذه الخطبة على العصبية العربية ، ونخوة الجاهلية ، والتفاخر بالآباء ، والعشائر.
وبعد أن قدم الدليل العقلي على عدم صحة ذلك ، باعتبار : أن الجميع من آدم ، وآدم من طين. ولا معنى للتفريق ، ولا موجب لتمييز هذا على ذاك ، ولا العكس.
وحيث إن التناسل ، والولادة من هذا الأب أو من ذاك ، في المكان والزمان المحدد ليست من الأمور الاختيارية للإنسان ، فقد أعطى ضابطة تخضع للإختيار ، ويقدر عليها البشر كلهم ، وهي : التقوى والعمل الصالح ، والطاعة لله سبحانه تعالى ، لا للطواغيت ، ولا للأهواء.
وأما اللغة فإنها هي الأخرى لا تعطي امتيازا ، لأنها مجرد وسيلة تعبير ، ولسان ناطق ، فلا معنى للتعصب لها. حتى لو قلنا : بأن الأبوة والوالدية تبرر التعصب.
ثم إنه «صلىاللهعليهوآله» أعلن بطلان كل مظلمة ، أو إحنة كانت في الجاهلية. وأعلن أنها تحت قدميه إلى يوم القيامة.