وكذلك الحال : لو أخبره جبرئيل «عليهالسلام» : بأن مقامه بمكة سوف يستمر إلى عشرين يوما. لكن مسار الأمور يعطي : أن يتوقع الخروج يوما بعد آخر. فإن عليه أن يعمل وفق هذا المسار الطبيعي ، الذي يجعل الناس عادة في موقع التردد ؛ فيأخذ حكم المتردد في الإقامة في عباداته ، ومعاملاته مع الناس. وغير ذلك.
٢ ـ إن ما ذكروه : من أن سبب بقائه «صلىاللهعليهوآله» في مكة هو توقع حصول المال الذي اقترضه ، ليؤديه لأصحابه. غير سديد :
أولا : لأن أداء دينه لا يحتاج إلى بقائه ، إذ يمكنه أن يرجع إلى المدينة ، ويرسل به إلى دائنه. خصوصا وأن الذين يعطون الأخماس والزكوات لم يحملوا أموالهم إلى مكة ليؤدوا للنبي «صلىاللهعليهوآله» الحق الشرعي منها .. ولم يكن النبي «صلىاللهعليهوآله» يعتمد في أداء ديونه على غنائم الحرب ، ولا كان يخطط لشن غزوات من أجل أدائها منها.
ثانيا : إنه ليس ثمة ما يدل على أنه «صلىاللهعليهوآله» قد التزم بأداء ذلك المال وهو في مكة ، كما لا دليل على أنه التزم بأدائه لهم في هذه المدة الوجيزة ، فلعل مهلة الأداء تمتد إلى شهور ، أو سنوات.
ثالثا : إن خروجه «صلىاللهعليهوآله» إلى حرب هوازن ليس لأجل الحصول على المال ، بل لأنها حرب قد فرضت عليه في هذا الوقت ، بسبب جمعهم له ، وظهور خطرهم .. على أن حصول النبي «صلىاللهعليهوآله» على المال لا ينحصر بأن يكون عن طريق الغزو ، فهناك مصادر أخرى له ، مثل الزراعات والتجارات ، والأخماس المترتبة على الناس في أموالهم حسبما ألمحنا إليه.