اللزوم. وعلى الجواز فإلغاء المتأخّر أولى من إعماله وفي المتوسّط خلاف ؛ قيل : «إعماله أولى» وقيل : «هما سواء». أمّا إذا تقدّم الفعل فلا يجوز الإلغاء عند البصريّين فلا يقال : «ظننت زيد قائم». وجوّزه الكوفيّون والأخفش واستدلّوا بقول الشاعر :
كذاك ادّبت حتّى صار من خلقي |
|
أنّي وجدت ملاك الشّيمة الأدب (١) |
وأوّل على تقدير لام الابتداء أو ضمير الشأن ، والتقدير على الأوّل : «لملاك الشّيمة» ، فهو من باب التعليق لا الإلغاء ؛ وعلى الثاني : «وجدته» ، أي : الشأن ، فلا إلغاء ولا تعليق. (٢)
تنبيه : يختصّ الإلغاء بأفعال هذا الباب.
أمّا التعليق ففيه خلاف. قال ابن عصفور : «لا يعلّق فعل غير علم وظنّ حتّى يضمّن معناهما». وقال ابن هشام في المغني : «لا يختصّ التعليق بباب ظنّ بل هو جائز في كلّ فعل قلبي». (٣)
وفي همع الهوامع : «الحق بالأفعال المذكورة في التعليق ـ لكن مع الاستفهام خاصّة ـ أبصر وتفكّر وسأل ونظر ، نحو قوله تعالى : «يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ».(٤)
وزاد ابن مالك ما قارب المذكورات من الأفعال التي لها تعلّق بفعل القلب ، نحو : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ) ، (٥) لأنّ «استنبأ» بمعنى «استعلم» فهي طلب للعلم. وأجاز يونس تعليق كلّ فعل غير ما ذكر ، وخرّج عليه قوله تعالى : (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا) ، (٦) واجيب بأنّ الضمّة بناء لا إعراب.
الثالث : يجوز بالإجماع حذف المفعولين في هذا الباب اختصارا ـ أي لدليل ـ نحو : (أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ، (٧) أي : تزعمونهم شركائي. أمّا حذفهما اقتصارا ـ أي
__________________
(١). الملاك : قوام الشيء. الشّيمة : الخلق.
(٢). فالفعل عامل على التقديرين. قال الصبّان في بيان الفرق بينهما : «إنّ الفعل على تقدير ضمير الشأن عامل في محلّ كلّ من المفعولين على حدته ـ أعني : ضمير الشأن المقدّر والجملة بعده ـ وعلى تقدير لام الابتداء عامل في محلّ الجملة السادّة مسدّ المفعولين».
(٣). مغني الأديب (٢) : ٢٥.
(٤). الذّاريات (٥١) : ١٢.
(٥). يونس (١٠) : ٥٣.
(٦). مريم (١٩) : ٦٩.
(٧). القصص (٢٨) : ٦٢.