ومع زيادة الكاف واللام ـ في غير المثنّى ـ والكاف وتشديد النون (١) ـ في المثنّى ـ تكون للبعيد ، تقول : ذلك ، ذانّك أو ذينّك ، أولالك ، (٢) تلك ، تانّك أو تينّك ، أولالك. (٣) قال تعالى : (ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ) ، (٤) و «تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا». (٥)
وذهب جماعة ـ كابن مالك ـ إلى أنّ المشار إليه إمّا قريب أو بعيد ، (٦) وقالوا : «إنّ أسماء الإشارة المجرّدة من الكاف واللام للقريب والمقترنة بهما أو بالكاف وحدها للبعيد».
وتتّصل «ها» التنبيه بأسماء الإشارة المجرّدة من الكاف واللام كثيرا ، نحو : «هذا» وبالمقترنة بالكاف وحدها قليلا ، نحو : «هذاك» ، ولا تتّصل بالمقترنة باللام ، فلا يقال : «هذالك».
اعلم أنّ الألفاظ المتقدّمة تشار بها إلى المكان وغيره ، وفي كلام العرب ألفاظ تختصّ بالإشارة إلى المكان. فيشار ب «هنا» أو «هاهنا» إلى المكان القريب وب «هناك» أو «هاهناك» إلى المتوسط وب «هنالك» أو «هنّا» أو «هنّا» أو «هنّت» أو «هنّت» أو «ثمّ» أو «ثمّة» إلى البعيد. قال تعالى : (فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) ، (٧) و «هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ». (٨)
__________________
(١). قال المبرّد : «تشديد النون في المثنّى بدل من اللّام». وقال غيره : «إنّ التشديد عوض من الألف المحذوفة في الواحد». وهذا أولى لأنّهم قالوا أيضا في تثنية الذي والّتي : «اللّذان واللّتان» مشدّدتي النون عوضا من الياء المحذوفة وأيضا لو كان التشديد عوضا من اللّام لم يقل : «هذانّ» بالتشديد مع «ها» ، كما لا يقال «هذا لك».
(٢). ولا يدخل اللام في الجمع في لغة الحجازيين ، فلا يقال : «اولاءلك» ، بل تقولون : «اولئك».
(٣). قال الخضري : «ويضعّف قول الجمهور أنّ اللّام تمتنع في المثنى واولاء فبما ذا يدلّ على البعد حينئذ؟ وتشديد النون والمدّ لا يصلحان له لوجودهما بدون الكاف أيضا ، مع أنّ لغة تميم ترك اللام مطلقا».
(٤). البقرة (٢) : ٢.
(٥). مريم (١٩) : ٦٣.
(٦). ولا فرق أن يكون البعد قليلا أو كثيرا.
(٧). الحاقّة (٦٩) : ٣٥.
(٨). آل عمران (٣) : ٣٨.