هذا البيت وأصوم ولا أدخل الدار حتى تجيء. فعلمت أن رجوعي وتلك الوقفة كان لأجلها.
أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري النّيسابوريّ قال : سمعت محمّد بن الحسين السّلميّ يقول : سمعت أبا بكر الرّازيّ يقول : سمعت الجريري يقول : دعانا أبو العبّاس بن مسروق ليلة إلى بيته فاستقبلنا صديق لنا فقلنا : ارجع معنا فنحن في ضيافة الشيخ. فقال : إنه لم يدعني ، فقلت : نحن نستثنى كما استثنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعائشة ، فرددناه فلما بلغ باب الشيخ أخبرناه بما قال وقلنا له ، فقال : جعلت موضعي من قبلك أن تجيء إلى منزلي من غير دعوة ، عليّ كذا وكذا إن مشيت إلى الموضع الذي تقعد فيه إلّا على خدي! وألح ووضع خده على الأرض ، وحمل الرجل ووضع قدمه على خده من غير أن يوجعه ، وسحب الشيخ وجهه على الأرض إلى أن بلغ موضع جلوسه.
حدّثنا عبد العزيز بن علي ، حدّثنا علي بن عبد الله الهمذاني ، حدّثنا محمّد بن جعفر ، عن أحمد بن مسروق قال : رأيت كأن القيامة قد قامت ، والخلق مجتمعون إذ نادى مناد : الصلاة جامعة ، فاصطف الناس صفوفا ، وأتاني ملك عرض وجهه عرض ميل في طول مثل ذلك. فقال : تقدم فصل بالناس ، فتأملت وجهه فإذا بين عينيه مكتوب : جبريل أمين الله ، قلت : فأين النبي صلىاللهعليهوسلم؟ فقال : مشغول بنصب الموائد لإخوانه الصوفية! فقلت : وأنا من الصوفية؟ قيل : نعم ، ولكن شغلك كثرة الحديث ، فكدت أبكي ، فإذا بجنيد يشير إليّ أن لا تخاف ، لا نأكل حتى تجيء ، فانتبهت فيا ليتني صليت أو أكلت!
أخبرنا محمّد بن علي بن يعقوب المعدّل ، حدّثنا عمر بن أحمد بن عثمان الواعظ ، حدّثنا جعفر بن محمّد بن نصير ، حدّثنا أبو العبّاس بن مسروق قال : أصبحت عن مجلس الزعفراني فجئت وهو يحدث وليس معي محبرة فطلبت من أجلس إليه فأكتب من محبرته ، فرأيت شيخا وشابّا جالسين في باب ، فجلست إليهما وبينهما محبرة فاستأذنت الشيخ فقلت : أكتب من المحبرة؟ فقال الشيخ للشاب : يا حبيب يكتب من المحبرة؟ فقال الشاب : يا محب الأمر لك ، فقال لي : اكتب ، فعجبت من كلامهما فطأطأت رأسي فرأيت على المحبرة مكتوبا خرطا :
تمكّن في الفؤاد فما يبالي |
|
أطال الهجر أم منح الودادا |