أبو بكر؟ قال : الأثرم. فقلت أنا له : لا نرضى أن تقرن صاحبنا بالأثرم ، أي إن (١) هذا فوقه.
قلت : وكان الأثرم ممن يعد في الحفاظ والأذكياء حتى قال فيه يحيى بن معين :
ما حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبليّ قال : حدّثنا أبو بكر أحمد بن محمّد ابن هارون الخلّال ، أخبرني عبد الله بن محمّد قال : سمعت سعيد بن عتّاب يقول : سمعت يحيى بن معين يقول : كان أحد أبوي الأثرم جنيّا!
وقال الخلّال أيضا : أخبرني أحمد بن محمّد بن عبد الله بن صدقة قال : سمعت أبا جعفر بن أشكاب قال : سمعت يحيى بن أيّوب ـ وذكر الأثرم ـ فقال : أحد أبويه جني! وقال : أخبرني أبو بكر بن صدقة قال : سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول : الأثرم أحفظ من أبي زرعة الرّازيّ وأتقن.
قال الخلّال : وكان عاصم بن علي بن عاصم لما قدم بغداد ، طلب رجلا يخرج له فوائد عليها فلم يوجد له في ذلك الوقت إلّا أبو بكر الأثرم ، فكأنه لما رآه لم يقع منه بموقع ـ لحداثة سنه ، فقال له : أخرج كتبك ، فجعل يقول له هذا الحديث خطأ ، وهذا الحديث كذا ، وهذا غلط ، وأشياء نحو هذا فسر عاصم به وأملى قريبا من خمسين مجلسا ، فعرضت على أحمد بن حنبل فقال : هذه أحاديث صحاح ، وكان يعرف الحديث ويحفظه ويعمل (٢) الأبواب والمسند ، فلما صحب أحمد بن حنبل ترك كل ذاك وأقبل على مذهب أبي عبد الله ، فسمعت أبا بكر المروزيّ يقول : قال الأثرم : كنت أحفظ يعني الفقه والاختلاف : فلما صحبت أحمد بن حنبل تركت ذاك كله وليس أخالف أبا عبد الله إلّا في مسألة واحدة. ذكرها المروزيّ قال : فقلت له فلا تخالفه أيضا في هذه المسألة ، وكان معه تيقظ (٣) عجيب جدّا.
وأخبرني أبو بكر بن صدقة قال : سمعت أبا القاسم بن الحبلي قال : قدم رجل فقال لي : أريد رجلا يكتب لي من كتاب الصلاة ما ليس في كتب ابن أبي شيبة ، قال : فقلنا ـ أو فقالوا ـ ليس لك إلا أبو بكر الأثرم ، قال : فوجه إليه ورقا فكتب ستمائة ورقة من كتاب الصلاة ، فنظرنا فإذا ليس في كتاب ابن أبي شيبة منه شيء.
__________________
(١) في المطبوعة : «أي فإن هذا فوقه».
(٢) في المطبوعة : «ويعلم الأبواب».
(٣) في المطبوعة : «وكان معه سفط عجيب جدا» تصحيف.